ارتفاع سعر الوحدة السكنيَّة

اقتصادية 2021/07/06
...

د.مصطفى كامل رشيد
شهدت العاصمة بغداد خصوصا والمحافظات العراقية عموما ارتفاعا حادا في أسعار الوحدات السكنية في ظل تراجع الخدمات العامة والظرف غير المستقر، وهو ما يخالف منطق النظرية الاقتصادية بهذا الخصوص، إذ تؤدي هذه الظروف الى عزوف الافراد عن اقتناء الوحدات السكنية، في محاولة لاعادة تكييف خياراتهم من اجل تعظيم مكاسبهم في المستقبل، الامر الذي يدفعهم الى اختيار وحدات سكنية في مناطق آمنة ومستقرة وذات خدمات متكاملة.
إن ارتفاع سعر الوحدة السكنية جاء متزامنا مع تفشي فيروس كورونا وانحسار التعاملات المالية والنقدية والحقيقية بفعل فرض حظر التجوال، وتقييد العديد من الأنشطة التجارية عالميا. فضلا عن ارتفاع سعر صرف العملة المحلية وما تسبب به من توقعات تشاؤمية وارتفاع حدة التقلبات والاضطرابات في الأسواق المحلية، مما دفع الافراد الى إعادة النظر في ترتيب أولويات مكونات الثروة لديهم، بعدما ترسخت لديهم قناعات بعدم جدوى الذهب والأنشطة الحقيقية والأصول المالية في ظل ظروف غموض المستقبل، مما يسمح لتقلب المكاسب عند أضيق الحدود بالاتجاه الموجب مستقبلا، وعليه اتخذ هؤلاء الافراد قرار استبدال مكونات الثروة بشراء الوحدات السكنية، بافتراض ان عرض هذه الوحدات سيكون ثابتا في الأجل المنظور على الأقل، في ظل فائض الطلب المحلي والمتنامي على الوحدات السكنية.
 وبذلك ستكون الوحدات السكنية أفضل بديل ومكون في ذات الوقت للثروة، فضلا عن الثبات النسبي في قيمها إذ ما أريد أن يتقلب على نحو محدود، وان المكاسب التي يجنوها من حيازة الوحدات السكنية هل الأفضل في ظل ظروف عدم التأكد واللايقين.
لذلك لا بد من اهتمام حقيقي من قبل صانع القرار بشأن ملف البناء والتشييد في العراق، والذي يعاني من إهمال لعقود من الزمن، ومع ارتفاع معدلات النمو السكانية تتعاظم الضغوط بشأن طلب الوحدات السكنية، وبسبب عدم وجود ستراتيجية وطنية لحسم هذا الملف. تبقى أسعار الوحدات السكنية في ارتفاع مع مرور الزمن بسبب ارتفاع حدة الطلب السكاني عليها.
لا تكفي المساهمات الخجولة اليوم بشأن انشاء مجمعات سكنية سواء في العاصمة بغداد والمحافظات العراقية، نحن بحاجة لمشروع وطني يهدف الى انشاء مدن جديدة كفيلة بامتصاص فائض الطلب المحلي على الوحدات السكنية، من اجل مواجهة حالة تضخم أسعار الوحدات السكنية، كما ان محاولات البنك المركزي العراقي وبعض المصارف بتوجيه سلف وقروض للمواطنين من اجل اقتناء وحدات سكنية سوف يقابل بارتفاع عنيف بسعر الوحدة السكنية لأن هذا الاجراء يشحذ جانب الطلب المتضخم أصلا بفعل ارتفاع معدلات النمو السكانية، في ظل محدودية المعروض من تلك الوحدات السكنية.
إن انتاج الوحدة السكنية يرافقه استصلاح أراضي وامدادها بخدمات البنى التحتية لكي تصبح صالحة للسكن، خصوصا الأماكن خارج التركزات السكانية في قلب العاصمة ومركز المحافظات.