طالبان الحليفة!

العراق 2021/07/06
...

سالم مشكور
 
اتفاق الدوحَة الذي أبرم بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية في مطلع العام 2020 بدأ يأخذ طريقه الى التنفيذ مؤخراً. التعهد الرئيس الذي يخص الجانب الأميركي هو الانسحاب التدريجي وإزالة القواعد العسكرية الأميركية في أفغانستان. 
في المقابل تعهدت حركة طالبان بأمرين الأول: بدء مفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية، والثاني: "أن التراب الأفغاني لن يتم استخدامه ضد أمن الولايات المتحدة وحلفائها"، رد الفعل الأولي على الانسحاب الأميركي هو الزحف وفرض السيطرة على المدن التي تخرج منها القوات الأميركية، وحالياً، وحسب مصادر ميدانية، فان عناصر طالبان سيطروا على 80 % من المدن الأفغانية الكبيرة وهو تعبير عملي واضح على عدم نيّة الحركة تطبيق التعهد الأول، ولا يبدو على الجانب الأميركي أي انزعاج من تنصّل طالبان من تنفيذ هذا التعهد. يبدو أن التعهّد الثاني هو ما يهمّ واشنطن وهو ما يعني صراحة تحوّل طالبان من عدو لواشنطن الى حليف وحامٍ لمصالحها. 
الساحة الأفغانية هي منطقة تأثير وتأثّر لثلاثة أطراف هي روسيا والصين وإيران. وفق اتفاق الدوحة، تتولى واشنطن مواجهة أي نشاط لهذه الدول، أو لأية قوى أفغانية حليفة لها. هذا يعني أن حركة طالبان ستخوض نزاعاً مسلحاً ضد خصومها الذين هم خصوم أميركا في الوقت ذاته. اضطراب الوضع الأمني الافغاني سيشكل – على الأقل – عامل ضغط على خصوم أميركا الثلاثة (الصين وروسيا وإيران)، رغم أن روسيا والصين أيدتا اتفاق الدوحة في حينه.
في إيران وجهتا نظر حيال الأمر، الأولى ترى أن المواجهة تعود مع طالبان خصوصا وأن الأخيرة لم تغيّر من متبنياتها الأيديولوجية، وأن هدف واشنطن هو الضغط على إيران رغم الحماس الذي تبديه باتجاه التوصل الى اتفاق نووي جديد مع ايران. أصحاب هذا الرأي يرون أن فتح هذه الجبهة على إيران مجدداً لن يقلل من اهتمامها وجهدها في الساحات الأخرى خصوصا مع وجود حركات أفغانية مسلحة قريبة منها وهي ذات خبرة كبيرة في الحرب كسبتها من الحرب الأفغانية السابقة وكذلك من الساحة السورية التي قاتلت فيها ضد "داعش" وباقي المجموعات المسلحة. 
وجهة النظر الأخرى ترى أن هناك فرصة أمام إيران لنزع هذا الفتيل عبر سياسة براغماتية تتقنها طهران، تقوم على المصالح المتبادلة، عبر فتح قنوات حوار وتعاون مع طالبان بما يجمّد عداءها لإيران. هذا الخيار ربما يكون متاحاً إذا ما سارت علاقات طهران مع الرياض وعواصم أخرى نحو التطبيع في ظل حكومة إبراهيم رئيسي المرتقبة.