عبدالزهرة محمد الهنداوي
ليس ثمة مصطلح اقتصادي، يندرج تحت عنوان (ميزان الصادرات)، فالمعروف، هو (الميزان التجاري)، الذي يعني الفرق بين قيمة الواردات والصادرات في فترة زمنية محددة، وهناك تباين كبير بين البلدان في ما يتعلق بتوازن كفتي هذا
الميزان.
وفي الحديث عن الميزان التجاري للعراق، فهو مازال غير متكافئ الكفتين، إذ شكل النفط لعقود طويلة سابقة، وربما مقبلة، الثقل الأكبر في كفة الصادرات، ويُعد النفط سلعة خام غير مصنّعة، فضلا عن وجود محددات داخلية وخارجية، لاتتيح للبلد، زيادة حجم الاستفادة من هذه السلعة، مهما تعاظمت كميات الاحتياطي النفطي، فداخليا، تبقى الامكانات المتاحة، التي تتمثل بالخطوط الناقلة، وما يرتبط بعمليات تطوير الآبار، واكتشاف رقع جديدة، هي عامل حاسم في زيادة حجم الانتاج، وخارجيا، يبقى العراق مقيدا بالحصة المحددة من قبل منظمة أوبك، التي كان توجهها في السنوات الاخيرة، نحو المزيد من التخفيض لحصص البلدان الاعضاء، في محاولة للمحافظة على الاسعار، التي تهاوت كثيرا في مراحل وفترات
عديدة.
الأمر الذي أوقع البلدان المعتمدة على النفط، وفي مقدمتها العراق، في عنق أزمة اقتصادية خانقة، ألقت بظلال قاتمة على المشهد برمته، فنتج عن ذلك، ارتباك واضح في الاداء الاقتصادي، فتراجعت الكثير من المؤشرات التنموية، نتيجة توقف المشاريع الاستثمارية، وزيادة مناسيب الفقر والبطالة، وتدهور اداء القطاعين العام والخاص على حد سواء، ولكن رغم كل هذه المشكلات التي تواجه سلعة النفط، إلا أنه استمر بالهيمنة على نحو 60 % من الناتج المحلي
الاجمالي.
ولو قُدّر للعراق، التوسع في الصناعات النفطية، التي تشمل استثمار الغاز المصاحب، والتركيز على تطوير وزيادة صناعة المنتجات النفطية، التي تشمل الوقود بأنواعه، لارتفعت نسبة مساهمة النفط بصورة أكبر، وكل ذلك على حساب مساهمة القطاعات الاخرى التي مازالت تعاني من حالة التهالك، على الرغم من توافر البلد على امكانات عملاقة، لاسيما في القطاع الزراعي، والسياحي، وكذلك الصناعي، التي استمرت مساهمتها الخجولة في تكوين الناتج المحلي الاجمالي، فهذه القطاعات الثلاثة، ومعها كل قطاعات التنمية، تشترك بنسبة 40 % في تكوين هذا
الناتج.
ومن ثم فالميزان التجاري العراقي، بحاجة الى جهد وعمل كبيرين، وفق رؤية اقتصادية بمسارات واضحة وتوقيتات، معلومة، للنهوض بالقطاعات الاساسية، والمتفرعة عنها، وخلاف ذلك، فإن خللا كبيرا وربما انهيارا سيصيب الميزان التجاري العراقي، في حال نضوب النفط، او استغناء العالم عنه بمصادر بديلة للطاقة.