خلصت الحكومة البريطانيَّة إلى أنَّ بإمكانها تخفيف الأخطار الناجمة عن الاستعانة بشركة هواوي للتكنولوجيا في شبكات الجيل الخامس للهواتف المحمولة وذلك حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" نقلاً عن مصدرين مطلعين على النتائج التي توصل إليها مركز الأمن الإلكتروني الوطني البريطاني.
تخفيف الأخطار
ويأتي هذا القرار بالرغم من التحذيرات الصادرة عن الولايات المتحدة حول ترك شبكة الاتصالات عرضة للتجسس الصيني، إذ تضغط الولايات المتحدة على المملكة المتحدة وحلفائها الآخرين حول عدم استخدام تكنولوجيا هواوي للبنية التحتية الحيوية، بحجة أن ذلك قد يمثل مخاطرة كبيرة.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن مصدر قوله أن الاستنتاج الذي توصل إليه المركز القومي للأمن الإلكتروني NCSC سيكون له ثقل كبير بالنسبة للزعماء الأوروبيين.
وأعلنت هواوي أنها مملوكة من قبل موظفيها، وليس الحكومة الصينية، وقد تم استخدام التكنولوجيا الخاصة بها في أجزاء من شبكة الجيل الرابع 4G، لكن هناك مخاوف من أنَّ بنيتها التحتية ليست آمنة بما فيه الكفاية، الأمر الذي قد يسمح للصين بالوصول إلى شبكات الاتصالات الغربية، وهو ما تنفيه الشركة.
وتحركت الحكومات في الولايات المتحدة ونيوزيلندا وأستراليا بالفعل لمنع استخدام معدات هواوي كجزء من شبكات الجيل الخامس المستقبلية، بعد اتهامها من قبل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى شركة أخرى صينية متخصصة في معدات الشبكات، بالعمل بإيعاز من الحكومة الصينية.
البريطانيون واثقون
وقال المصدر للصحيفة: "يمكن للدول الأخرى أن تجادل بأنه إذا كان البريطانيون واثقين من التخفيف من تهديدات الأمن القومي، فيمكنهم أيضًا طمأنة جماهيرهم والإدارة الأميركية بأنهم يتصرفون بطريقة حكيمة في مواصلة السماح لمزودي خدمات الاتصالات لديهم باستخدام المكونات الصينية طالما أنهم يأخذون أنواع الاحتياطات التي أوصى بها البريطانيون".
وتحاول الولايات المتحدة، التي قالت إن معدات الشركة الصينية يمكن استخدامها للتجسس على الأميركيين، منع الشركات الأميركية من شراء أجهزة التوجيه والتشغيل الخاصة بهواوي، وتضغط على الحلفاء مثل بريطانيا للقيام بالمثل.
ونفت هواوي مرارًا وتكرارًا هذه الادعاءات، فيما اتهم إريك شو Eric Xu، أحد الرؤساء التنفيذيين الثلاثة لشركة هواوي، في الأسبوع الماضي واشنطن العاصمة بإطلاق حملة جيوسياسية منسقة ضد الشركة من أجل كسب النفوذ في الحرب التجارية مع الصين.
وأوضح أليكس يونغر Alex Younger، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجيَّة البريطاني MI6 أن بريطانيا يجب أن تتجنب الاعتماد على مزود احتكاري للمعدات في شبكات الجيل الخامس 5G الجديدة، واقترح أن حظرًا تامًا قد لا يكون ضروريًا، بالرغم من أنه قال إن القضية معقدة.
قرار الحكومة
ولا يعطي المركز القومي للأمن الإلكتروني NCSC سوى المشورة التقنية، وبالتالي فإنَّ القرار سيكون في يد الحكومة، التي تجري مراجعة للبنية التحتية للاتصالات المقرر إطلاقها في الربيع.
وفي حين أن المركز لم يعلق بشكل مباشر على تقرير صحيفة "فاينانشال تايمز"، إلا أنه كرر الإعراب عن المخاوف السابقة حول قدرات هواوي الهندسية والأمنية.
وقال: "إن المركز ملتزمٌ بأمن الشبكات في المملكة المتحدة، وكما تم التوضيح في مجلس الإشراف على مركز هواوي لتقييم الأمن السيبراني HCSEC في شهر تموز، فإنَّ NCSC لديه مخاوف حول قدرات هواوي الهندسية والأمنية. لقد حددنا التحسينات التي نتوقعها من الشركة، وسيتم نشر أحدث تقرير سنوي عن HCSEC في المستقبل القريب".
مؤسس هواوي
من جانبه هاجم مؤسس مجموعة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي مساعي أميركية لحظر الشركة قائلاً بتحدٍ إنَّ العالم لا يمكنه الاستغناء عن تكنولوجيا هواوي "الأكثر تطورا".
وقال رين تشنغفاي في مقابلة مع بي.بي.سي "لا يمكن للولايات المتحدة أن تسحقنا".
وأضاف "العالم لا يستطيع تركنا لأننا أكثر تطورا".
وندد رين (74 عاما) بتوقيف ابنته مينغ وانتشو وهي المديرة المالية للمجموعة في كانون الأول الماضي بتهمة انتهاك العقوبات الأميركية على إيران، وقال إن للخطوة "دوافع سياسية". وتعقد محكمة في كندا الشهر المقبل جلسة بشأن تسليمها.
وقال "نعترض على ذلك" مؤكدا "لكننا الآن نسلك هذا الطريق، وسنسمح للمحاكم بتسويته".
وأضطر مؤسس هواوي للخروج من الظل في الأشهر الماضية مع تزايد الضغوط على الشركة على خلفية اتهامات بالتجسس وحملة بقيادة أميركية لإقناع دول أخرى بحظر تكنولوجيا هذه المجموعة.
ودفعت مخاوف أمنية بأستراليا العام الماضي لحظر معدات هواوي من شبكة الجيل الخامس المستقبلية.
كما منعت نيوزيلندا أكبر شركات الاتصالات من استخدام تكنولوجيا هواوي لشبكة الجيش الخامس، فيما ذكرت تقارير إن تشيكيا استثنتها من مناقصة بقيمة 20 مليون يورو (22 مليون دولار) لبناء بوابة ضرائب الكترونية.
ويتهم المدعون الأميركيون أيضا هواوي بسرقة أسرار تجارية ويقولون إنها قدمت مكافآت لموظفين لقاء سرقة تكنولوجيا من منافسين آخرين.
وقلل رين من أهمية الضغط المتزايد.
وقال "إذا انطفأت الأنوار في الغرب، فسيظل الشرق مشعا" مضيفا "أميركيا لا تمثل العالم".
وأكد قائلا "حتى وإن أقنعوا المزيد من الدول بعدم استخدامنا موقتا، يمكننا دائما تقليص حجمنا".
رد مقابل
وتتزايد المؤشرات عن نجاح مساع الولايات المتحدة لإقناع حلفائها بالاستغناء عن تكنولوجيا هواوي.
وتجري نيوزيلندا بدورها محادثات للتقليل من المخاطر الأمنية التي يمثلها استخدام معدات هواوي في البنية التحتية الخاصة بالجيل الخامس للاتصالات بدلا من حظرها كليا.
وقالت رئيسة الحكومة جاسيندا اردرن إن مكتب الأمن في نيوزيلندا يبحث في المخاطر الأمنية مع "سبارك" الناقل المحلي الذي مُنع من استخدام معدات الشركة الصينية العام الماضي.
وأضافت بأن الشركة لم تُستبعد "إطلاقا" من المشاركة في طرح الجيل الخامس.