ياسر المتولي
الواقع الدولي وحده من يحدد تحقيق الاستقرار الاقتصادي في الدول النامية .
أي حديث عن تحقيق نمو اقتصادي او تنمية في بلدان العالم الثالث يبقى رهين صراعات الدول العظمى بشأن التسيد على الاقتصاد العالمي، والتي تتجسد في لعبة الكبار من خلال تراكيب التحالفات الدولية وتغيراتها وفقاً للمصالح .
فتارة تجدها مع هذا البلد او ذاك وتارة أخرى تجدها بالضد، وهذه الفوضى الخلاقة هي التي تغذي بقاء دول العالم الثالث خارج منظومة الاستقرار الاقتصادي .
والمتتبع للمتغيرات التي حصلت خلال حقبة كورونا وأزمة تذبذب أسعار النفط نحو الانخفاض منذ فترة نهاية العام 2019، إذ اشتدت اثارها في الربع الاول من العام 2020، ومؤشرها الانكماش الذي اصاب الاقتصاد العالمي وحجم الضرر الذي تعرضت له الدول ولو بنسب متفاوتة بسبب الاغلاق الاقتصادي التام وشبه توقف الحياة الذي ظهر للعيان .
ولكن سرعان ما توصل الكبار الى لقاحات مطمئنة بعض الشيء عادت الحياة الاقتصادية بشكل طبيعي في دول اللعبة، وبقيت الاثار تنخر باقتصادات الدول النامية .
لاحظ الآن بدأت السياسات والتحالفات تتغير وفقاً للمصالح العليا لكل بلد وهكذا تبقى اللعبة مستمرة، يوم معك ويوم عليك، ما يعني ان الواقع الدولي وحده يتكفل بتحقيق الاستقرار هنا، وخلق واستمرار الفوضى هناك.
هذه العوامل الخارجية التي يطلق عليها سياسياً مفردة «الاطماع» واقتصادياً «بالتحديات» هي التي ترسم هوية النظام الاقتصادي الجديد وتتحكم بمستقبل الاقتصادات النامية
والناشئة .
فقرارات الدول «الثماني» لاتقبل الفيتو، اما قرارات دول الـ «20» ليس عليها سوى الانصياع والتنفيذ، أما باقي الاقتصادات فعليها تلقي النتائج والضربات الموجعة .
هذا المشهد يصور لنا طبيعة وملامح النظام الاقتصادي الجديد على مخلفات وركام العولمة، إنه لايختلف عنها أبداً لابل سيكون تأثيره أوسع وأعمق، هكذا تبدو الصورة لي عن مستقبل الاقتصاد العالمي الجديد .
ولعل الصراعات الاقليمية الدائرة بين الدول النامية هي الوقود الذي يغذي وينعش النظام الاقتصادي الجديد وينميه ويبقيه، كما أسلفت، تحت رحمة المزاج العالمي لأنه وحده من يتحكم بتحديد الاستقرار الاقتصادي.
كيف ستفكر البلدان النامية والعراق من بينها في مواجهة هذا الإعصار وهي مشغولة بصراعات لا فائدة منها، إنما خسارة شعوبها وبقاء اقتصاداتها تترنح بآثار المزاج الدولي.
والى الان لم يتضح من سيفوز بقيادة الاقتصاد العالمي، وهذا لغز لا تفككه إلا أيادي الراسخين بعلم اللعب السياسية.