الحقّ (الاستثنائي) للنجوم!!

الرياضة 2021/07/13
...

علي رياح  
 رفع اللاعب يده ووضعها على جبينه وجعل منها (مظلة) تمنع خيوط الشمس من أن تتسلل إلى عينيه وقال:  
يا إلهي! الحرارة لا تـُطاق هنا في الملعب.. لا بدّ أن يزجّ المدرب بلاعب غيري يتحمّل هذه الشمس اللاهبة.  
المدرب كان قريباً بدرجة كافية لأن يسمع كلمات اللاعب.. كلمات تعني قرارا من جانب واحد بعدم الاشتراك، ويبدو أن قوة اللاعب كانت أكثر تمكناً من حيلة المدرب الذي لم يكن وضعه مستقرا بعد مع الفريق بسبب الضغوط الناجمة عن النتائج التي جعلت الفريق يتدحرج إلى موقع متوسط في القائمة، فوافق المدرب على تلبية رغبة اللاعب وقرر عدم إشراكه في المباراة المهمة وترك لنجمه المُدلل حرية اللعب مع فريقه إن أراد خلال الشوط الثاني من المباراة، إذ ربما تميل الشمس إلى الغروب وتنسحب من المشهد قبل الأوان وتنخفض درجة الحرارة إلى أقلّ مما هي عليه لدى انطلاق المباراة!  .
قصة قصيرة ليست بالطبع من نسج الخيال، لكن مضمونها (المؤلم) ربما يكون إجابة شافية وواضحة ومتكاملة عن أسئلة مستمرة نطرحها ومحورها ما إذا كانت مشكلات الفرق متأتية من الحقوق (الاستثنائية) التي تـُمنح لبعض اللاعبين، أم إن مصدرها ضعف المدربين!  .
الحقّ أن اللاعب مهما تمادى في فرض السطوة على الفريق مستعينا بسجله في الماضي، فلن يكون بالقادر على أن يمرّر رأيه إذا كان المدرب حازماً في قراره وواضحاً في تحمل مسؤوليته ولا يخشى في الحق لومة لائم. وبالطبع فإن مهمة المدرب ستكون أسهل في معالجة موقف كهذا إذا كان لاعبه في (خريف) عمره الكروي.  
ثمة احتمالان هنا، فلو كان المدرب هشـّاً، سيرضى أن يرضخ لرغبة اللاعب في التخلي عن الفريق بقرار عاجل يتخذه في الملعب عند التوقيت الحرج، لا قبل الدخول إليه حيث تسهل مداراة المواقف.  
أما أن تتقرّر مشاركة اللاعب بشكل صريح في يوم المباراة وينتقل إلى مكان بعيد لخوض المباراة وتتحدد ملامح الأداء والتشكيلة في ضوء وجوده ضمن أحد عشر لاعباً، ثم يأتي اللاعب وبفكرة سريعة هبطت على رأسه ليعتذر عن عدم الاشتراك بداعي حرارة الشمس.. فالمسألة برمتها أدعى إلى الحسرة على أيام التدريب الحقيقي والمدربين الأكفاء الذين يعاملون اللاعبين بحزم لا هوادة فيه، وبعدالة مستمدة من كون اللاعبين سواسية لا سطوة لأحد منهم على آخر إلا بمقدار النزول إلى الميدان ورَيّ أرضه بالعرق، وربما بالدم أيضاً إذا اقتضى الأمر.  
بعد هذه القصة التي جرت وقائعها أخيراً، ومع كل قصة شبيهة، نسمع عن بحث اللاعبين عن وسائل تجدّد (قوتهم) في فرقهم.. منها مضاعفة البذل.. منها احترام الزملاء ومشاركتهم بكل جهد ممكن في صنع الإنجاز.. ومنها التواضع كلما ارتقى الأداء إلى درجة أعلى.. ولكن ليس منها الأسلوب الذي يتـّبعه لاعب مغرق في الغرور إزاء مدرب مغرق في التساهل يحاول اللاعب إحراجه أمام اللاعبين بجرّه إلى أضعف مما هو فيه!  .
وبعد هذه القصة، وكلما بعُدت المسافة بين واجب الطاعة المفترض من اللاعب وبين القوة المفقودة لدى المدرب، دعونا نترحم على أيام النجومية الأكثر أدباً، وايام التدريب الأقل ضعفاً.!