السلطة الرابعة

الصفحة الاخيرة 2021/07/13
...

حسن العاني 
 
وصلت الدبابات الأميركية، وهي محملة باطنان المفردات الطنانة، وقد اقبلنا عليها اقبال من يقف على حافة الموت جوعاً، فلا نكاد نفهم (الكوتا) الا وقدموا لنا وجبة من (الفوضى الخلاقة)، حتى ما عاد الواحد منا يتعرف على أسماء النظريات ومعاني المفردات، فمن المربع الأول والمحاصصة والعتبة الانتخابية الى الشفافية وحرية التعبير وطبق دسم من الاصابع البنفسجية.
صحيح ان هذا التنوع في الأطعمة، وعدم هضمها ببطء، قد اضر بعافيتنا، ولكن النظرية التي تحمل اسم (الفصل بين السلطات)، كانت بمنزلة العلاج الشافي لاوجاعنا وامراضنا، ومع ان هذا الطبق لذيذ وصحي ويفيد في علاج العقم وعسر الولادة، ولكنه لا يعني بأن كل سلطة تعمل لحسابها وكأنها مؤسسات قطاع خاص، فبينها شبكة متداخلة من الوشائج وصلات رحم من الدرجة الأولى، ومن ذلك ان السلطة التنفيذية مثلاً هي المسؤولة عن طعام الشعب وكسوته وتعليمه وامنه، ومسؤولة كذلك عن ضحكه وبكائه وزواجه وطلاقه وحياته وموته، واي اخلال بهذه الواجبات يوجب تدخل السلطة القضائية لممارسة صلاحياتها القانونية، في حين تتولى السلطة التشريعية مهمة الرفض او الموافقة على الأساليب والوسائل التي تقترحها السلطة التنفيذية في المجالات كلها، المعاشية والاقتصادية والتربوية والثقافية والرياضية والاجتماعية، على مستوى الداخل والخارج معاً .
من هنا جاء استعمال عبارة (الفصل بين السلطات) دقيقاً للغاية لكي تعرف كل سلطة طبيعة عملها والى أين تمتد صلاحياتها، وعند أي حد تقف، والدول التي تحترم القانون والديمقراطية تتعامل مع (سلطة رابعة) تفوق أهميتها وصلاحياتها، أهمية السلطات الثلاث، لأن هذه (الرابعة) – أي سلطة الصحافة والاعلام – هي الوحيدة القادرة على مراقبة السلطات الثلاث ومحاسبتها على الرغم من انها من دون شرطة ولا هراوات ولا سجون ولا سونارات، ولكنها تمتلك الرأي العام والشعب،  في العراق لدينا مثل البلدان الديمقراطية سلطة رابعة كبيرة وواسعة، ولكن لا يكاد يمر أسبوع او شهر الا وتعرض هذا الإعلامي او ذاك الى الرزالة أو الضرب او التوقيف من قبل اصغر فرد من افراد السلطات الثلاث، هل سمعتم سلطة تهان غير السلطة الرابعة في العراق تحت سمع وبصر المسؤولين ونقابة الصحفيين التي لم تتظاهر او تعتصم او يهتز لها شارب!.