استعراض كلام

الصفحة الاخيرة 2021/07/15
...

 رضا المحمداوي 
 
داخل منظومة الفنون التلفزيونية وتفرعاتها التي شهدتْها القنوات الفضائية، انفردتْ البرامج الحوارية العامة والتي تُعرف عادةً 
بـ(talk show) بخصوصيتها الواضحة والقائمة أساساً على واجهة عرض أو استعراض الكلام، ومِنه استمدتْ عنوانها وهويتها ومضمونها العام.
وداخل هذا العنوان المُمتد عمودياً وأفقياً لـ (استعراض الكلام) تُوجدُ تفرَّعات وأقسام مُتَعددة، فمنها الحوارات الثقافية والفنية وبرامج الشرائح والفئات الخاصة مثل برامج الشباب والمرأة والطفل والبرامج الدينية والفكرية، ومنها برامج الحوارات السياسية.
وكانت بعض نماذج النوع الأخير من هذه البرامج العربية، والخليجية منها على وجه الخصوص، قد شَكلّتْ لنا مفاجأة تلفزيونية خلال العقد التسعيني، اذ استقطبتْ اهتمام الجمهور العام من خلال ما وفرَّتهُ من عناصر شد وجذب تقوم أساساً على الإثارة والمشاكسة وكسر مألوف الحوار التلفزيوني التقليدي.
وقد بَرَزَتْ لدينا في القنوات العراقية العشرات من برامج الحوار السياسي وكرَّستْ نوعها وهويتها عبر عدة سنوات، واستطاعتْ بعض تلك القنوات أن تبرز بهذا النوع من البرامج وتحّتل مكانتها بين القنوات 
الأخرى.
ولقد وفرَّ المناخ السياسي العراقي الساخن الذي تعصفُ به الأزمات وتحَّفُ به الاختناقات والمواقف الصعبة والجدل الطويل الذي لا ينتهي تحت سقف ما يُوصفُ عندنا بـ (العملية السياسية) ويومياتها وفصولها وتحولاتها، وفرَّ هذا المناخ المادة الخام الأساسية الأولى لمثل هذه البرامج بوجوه مقدميها الذين باتوا معروفين ومطلوبين في بورصة القنوات الفضائية وبرامجها السياسية. 
ومن خلال عرض هذه البرامج الحوارية السياسية في أوقات ذروة المشاهدة الجماهيرية، مع عرضها المباشر وخزنها وتبويبها ضمن الموقع الالكتروني للقناة نفسها وبعد ذلك عرضها ضمن منصة (اليوتيوب) ومن ثم تداولها في موقع (الفيسبوك) واسع الانتشار، تكون تلك البرامج السياسية قد اكتسبتْ أهميتها وخطورتها وأثرها الكبير بوصفها واحدة من طرق وأساليب صنع الرأي العام. 
وما يُلاحظ نقدياً على هذه البرامج هي صيغة التكرار وقالب المشابهة الذي يقتربُ كثيراً من حدود الاستنساخ من حيث الإعداد والشكل التلفزيوني وتصميم الديكور والاستوديو مع سرعة في الإنجاز وعدم إغناء هذه البرامج السياسية بالتقارير التلفزيونية أو الأرشيف الإخباري والمواد الوثائقية والتي تُعدُ من العناصر الأساسية التي لا غنى عنها لأي برنامج
سياسي.