الشمس أجمل

الصفحة الاخيرة 2021/07/25
...

عبد الهادي مهودر
أحبّ شاعر العراق الكبير بدر شاكر السياب وطنه وسحرته شمسه وهي تنشر اشعتها الذهبية فوق بساتين البصرة وأبي الخصيب وكتب «الشمس اجمل في بلادي من سواها والظلام حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق» مثلما أحبّ قريته جيكور ونهرها الصغير الحزين بويب، ودارت الايام والافلاك على العراقيين ليعاتبوا السياب عتب المحب حين تكويهم حرارتها وتقرضهم ذات اليمين وذات الشمال في ظل أزمة الكهرباء، وتضح مواقع التواصل الاجتماعي بالاستشهاد بهذا البيت (الشمسي) من قصيدة غريب على الخليج تهكماً كلما ارتفعت درجات الحرارة وانقطع التيار الكهربائي، في أزمة لا ناقة ولا جمل ولا تقصير فيها للسياب وللشعر والشعراء، وليس غريبا أن يتغنى العراقيون بالشمس فقد كانوا يرونها سر الحياة قبل اكتشاف الطاقة الكهربائية، وعرف البابليون والآشوريون (الاله شمَش) قبل معرفتنا بمكتشف المصباح الكهربائي توماس اديسون (نور الله قبره)، ويظهر شمَش واقفا أمام حمورابي في أعلى مسلته الشهيرة ليتسلم منه لائحة القوانين، وقد لا يكون شمش هو اسم ذلك (الاله) وانما كنيته وصفاته القيادية فهو حسب الاساطير نور الشمس والطارد للظلم والظلام والعادل والمحرر ومشافي المرضى والغالي (والعزيز انت) في ذلك العهد السحيق، ويشير المؤرخون الآثاريون الى أن الادب البابلي كان حافلا بالأناشيد التي تمجد الزعماء، أي أن العراقيين الأوائل ابتدعوها وسلموها الى العراقيين (الاواخر) الذين ابدعوا وبالغوا في الاناشيد والمديح لكل شمَس وشلَش، واتخذ العراقيون الاوائل الشمس شعارا لدولتهم وهو الشعار نفسه الذي استلهمه وصممه الفنان التشكيلي الراحل جواد سليم مصمم نصب الحرية، وتم اختياره شعارا للجمهورية العراقية الأولى بعد عام 1958 ووضع على بيريات الجنود والعملة والكتب الرسمية، ولو تم اعتماد هذا الشعار المأخوذ من الشمس، لكان متوافقا مع عبارة الشمس أجمل ومع طقس العراق ومناسبا لمزاجنا الحاد والشعار الاطول عمرا والاكثر ثباتا في التاريخ مع حاجته لبعض التعديلات و (التعويجات).