موعد آخر

ثقافة 2021/07/25
...

  سهير السمان 
 
كان يوم تأبى فيه الشمس أن تكشف عن أستارها، وبقيتُ في فراشي أتأملُ الضوءَ الباهت لهذا الصباح، لم أتبين حينها كم هي الساعة، لقد توقفت ساعتي الحائطية ليلة أمس. 
الجو بارد بعد أمطار استمرت طوال الليل، وبعد شهر من صيف حار أرهقني العمل فيه كثيرا.  
أشعر بنسيم الهواء يتسلل، ويدفعني لأخذ إجازة لبضعة أيام، ولكن في مكان آخر أنسى فيه كل من حولي، أقفل التلفاز والأصوات ونشرات الأخبار، أطلق قدماي فقط لتحلقان من دون أحذية. 
 قطرات المطر عادت لترتل لحناً حزينا، ما لبث أن أصبح إيقاعا عالياً انتشلني من سريري، كم ستكون الساعة الآن؟.
نهضت واتجهت نحو دولابي لألقي نظرة على ساعتي اليدوية، لكني لم أجدها، شيء نادر ما يحدث اليوم لا ساعة لأعرف الوقت.
استكملت طقوس التجهيز اليومي للذهاب إلى العمل، سمعت باب المنزل يفتح ويغلق علمت أن أخي قد ذهب إلى عمله، إذا لم يبق أمامي متسع من الوقت.
 وحين وصلت إلى عملي لم أكن أعلم بعد كم أصبحت الساعة، ولكن حافظة الدوام قد رفعت ولم أوقع على حضور هذا اليوم.
 أخرجت هاتفي المحمول الذي هو أيضا قد غير التوقيت الموجود عليه، وفتحت باب مكتبي. جلست على الكرسي لأسترد أنفاسي التي تتلاحق، أخذت أفكر في هذا الجو الغائم الذي يغريني في مغادرة مكتبي لأستنشق نسيم هذا المطر، سأكمل بعض العمل على جهاز الكمبيوتر، وأغادر بعدها إلى التمتع بهذا الجو. ضحكت حين اكتشفت 
أن الجهاز أيضا اختفى توقيته. 
تركت مسألة الوقت جانبا، وانشغلت بعملي، تذكرت فجأة أن لدي موعدا مهما في الحادية عشرة، موعد سيغير مجرى حياتي، ولكني لم أعرف إلى الآن كم بلغت الساعة، نهضت من على الكرسي سريعا، شعرت بدوار في رأسي، ونبض غير طبيعي يهز صدري، هل هو خوف أن تكون الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة؟  
نزلت السلم على وقع النبضات الغريبة، ما يهمني الآن هو أن أعرف كم صارت الساعة!   
 لمحت أحد الزملاء، ورفعت صوتي قليلا ليسمع سؤالي المجهول جوابه منذ الصباح.. كم الساعة لو سمحت؟ 
كانت نبضات قلبي تتسارع وكأنها تتزاحم في الخروج، وعندما همّ الزميل الكريم بالإجابة عن سؤالي التاريخي لهذا اليوم كانت آخر نبضة قد غادرت جوفي.