عبدالزهرة محمد الهنداوي
سنوات طويلة، وملف الكهرباء يعد أكثر الملفات تعقيدا، وضغطا، على الحكومات المتعاقبة، بل اصبح في بعض الفترات، سيفا مسلطا على رقاب تلك الحكومات، ولا يستبعد المراقبون، وجود جنبات سياسية في هذا الملف، الامر الذي ادّى الى صعوبة معالجته، والانتهاء منه، ليتم التوجه بعده الى قطاعات اخرى، اذ بات واضحا ان مصير الكثير من مفاصل التنمية مرتبط، بحال الكهرباء، فاذا صلحت صلح ما سواها من القطاعات..
وليس بخافٍ على احد حجم الانفاق الكبير الذي يستحوذ عليه قطاع الطاقة «النفط والكهرباء»، اما النفط فسيتم استبعاده من المعادلة، على اعتبار ان ما يُنفق عليه، يُسترد أموالا، تغذي الموازنة، لتحصل باقي القطاعات، ومنها الكهرباء، على تخصيصاتها المالية، في المقابل، مازالت ايرادات الكهرباء لاتكاد تُذكر بالمقارنة مع حجم مايتم تخصيصه لها سنويا.
إذن ما الذي يقف وراء تردي حال الكهرباء؟.
قطعاً، لايختلف اثنان، ان انتاج الطاقة الكهربائية تضاعف عدة مرات منذ عام 2003، اذ تتحدث الوزارة عن بلوغ حجم الانتاج الى اكثر من 20 الف ميگاواط، وفي سنوات سابقة كان الحديث يجري عن ان حاجة البلاد لا تزيد كثيرا على الكمية المنتجة، معنى ذلك ان الانتاج الحالي ينبغي ان يغطي ما لا يقل عن 80 بالمئة من الحاجة الكلية.. ولكن رغم ذلك، مازالت الفجوة كبيرة، ومنحت الفجوة، اصحاب المولدات هيمنة واسعة مكنتهم من فرض احكامهم التعسفية على الناس، ولم تتمكن السلطات من قهر سلطانهم.
وبتقديري إن أبرز الأسباب، وراء التردي المستمر للكهرباء هو، الافراط في الاستهلاك لدى الناس، وقلة او انعدام الجباية، ومن ثم فإن مردودات الكهرباء لاتكاد تذكر بالمقارنة مع كميات الانتاج، فضلا عن كثرة التجاوزات، المتمثلة بظهور الكثير من العشوائيات، يصاحب ذلك ارتفاع نسبة الضائعات، نتيجة، تهالك شبكات التوزيع، وقِدَمها، والأخطر من ذلك يتمثل بكثرة الاستهدافات الارهابية، او التخريبية لابراج الطاقة الكهربائية، لاسيما في فصل الصيف، لأسباب كثيرة ومتعددة.
ويعاني قطاع الكهرباء من ازدياد نسبة الانفاق التشغيلي، على حساب الجانب الاستثماري، فمتى ما تمت معالجة هذه الاسباب، عند ذاك يمكن الحديث عن اصلاح واقع حال الكهرباء، وسنشهد حينها استقرارا في الصيف والشتاء، ونموا سريعا في قطاعات التنمية كافة.