تعيين في السبعين

الصفحة الاخيرة 2021/08/02
...

عبد الهادي مهودر
 

نتابع اخبار العالم ونبارك لرؤساء الدول فوزهم بالرئاسة في عمر السبعين والثمانين، ونتداول اخبار المفكرين والمبدعين الذين ينالون الجوائز العالمية الكبرى في هذا العمر، وتتنافس الجامعات والمستشفيات الاهلية والقطاع الخاص على جذب اصحاب الخبرات والكفاءات والأطباء والأساتذة الاكاديميين الذين أحيلوا على التقاعد من دون اعتبار لخبراتهم التي بدأت تعطي ثمارها للتو، ويوم امس تعاقدت الهيئة التطبيعية لاتحاد كرة القدم مع المدرب الهولندي ديك ادفوكات وهو بعمر (74 سنة) لقيادة منتخبنا الوطني الى نهائيات كأس العالم، وجاء في بيانها الرسمي أن ادفوكات من مواليد(27 ايلول عام 1947) اطال الله عمره، صحيح هو لم يتعين كموظف في الدولة العراقية، لكن التعاقد معه إقرار علني بقدرات الستينيين والسبعينيين العقلية والصحية والبدنية والابداعية، بينما الأقل منه عمراً تقاعدوا بسن الستين وفقاً للقانون الذي أقره مجلس النواب العراقي ودخل حيز التنفيذ واخرج من الخدمة موظفين بسن الشباب حسب تعريف ومقاييس منظمة الصحة العالمية لسن الشباب بين (18 الى 60 سنة)، وقد شرع القانون بحجة اتاحة الفرصة لتعيين الشباب، أي أن المشرع كان يريد تبديل انسان بلا راتب مكان انسان براتب من موازنة الدولة، أو تبديل حصة بحصة وكسب المزيد من الحصص، وكأن المشرع يقول ان فرص الشباب ستبقى محصورة بالتعيينات الحكومية ولا أمل جدياً باستيعاب القطاع الخاص لآلاف العاطلين عن العمل الذين لا يحمل الكثير منهم شهادات جامعية، هذه هي الرسالة الخاطئة التي يحملها مضمون القانون، اضافة الى ما نتج عنه من إفراغ لمؤسسات الدولة من اصحاب الخبرات والكفاءات وازاحة لجيل كفوء في قمة عطائه، جيل يراجع اليوم دائرة التقاعد العامة مبكراً ومخذولاً ومكسور الوجدان، والمشكلة انه جيل رقيق كان يسمع ياسمين الخيام ويصدقها وهي تقسم بأغلظ الايمان: (دع شيبك يسفر يتألق والله احبك لا تقلق، حبي شلالٌ جبارٌ في عمق شعوري يتدفق، لا يوقفه عمرٌ يجري او شيبٌ في شعرك أشرق)، قيل لهم عند بلوغ الستين، عذراً هذه القصيدة عن الحب فقط و لاعلاقة لها بقانون التقاعد الذي عيّركم بالشيب وهو وقار.