عندما فُقدت الرياضة

الرياضة 2021/08/03
...

د.عاصفة موسى
كنتُ احلم ان تتطور رياضتنا التي عاشت ردحاً من الزمن تحت سطوة الدكتاتورية، وتحت رحمة ابن الطاغية الذي تحكم بمقدراتها حتى شهدت تراجعا لافتا بعد منتصف الثمانينيات مرورا بالتسعينيات فترة الحصار الاقتصادي، الذي تعب فيها الرياضي اشد التعب، وكانت صناعة بطل عملية شاقة للرياضي وأسرته، ولنا في تجربة البطلة السابقة بالعاب القوى ميساء حسين خير شاهد ودليل، كان يقف معها والدها يبحث عن اي فرصة لمساعدة ابنته في تخطي حواجز عديدة من اجل ان تصبح بطلة، وقد تحقق ما اراده، وأصبحت ميساء حسين بطلة شرّفت اسم العراق في المحافل الدولية، ولولا ظروف البلد الصعبة آنذاك، لاصبحت ميساء مشروع بطلة عالمية.
كنت اعتقد ان تصبح ميساء حسين وابطال رياضيون آخرون، صورا ملهمة وانطلاقة لعهد رياضي جديد بعد عام 2003، عهد نحقق من خلاله كل ما حلمنا به في سنوات تسعينيات القفر، برياضة حقيقية تحقق غاياتنا، تنافس وتغرس قيما، وتسهم في بناء الانسان، رياضة تتمتع بمؤسسات لجذب المواهب وصقلها، تجعل الفوز من اجل العراق هدفا ساميا، كنا نحلم ان تنفض الاتحادات والاندية عنها غبار الماضي، وتبدأ من جديد.
واشرقت شمس نيسان ٢٠٠٣، واسقط الصنم، ولاول مرة يُصبِح العراقيون على يوم بلا الدكتاتور وزبانيته، كل منا بدأ ينسج خيوط احلامه في حياة كريمة نهنأ بها بعد عذابات ذقنا مرارتها في حقبة الظلم والفقر والخيبة.
اعيد تشكيل وزارة الشباب والرياضة، والمؤسسات الرياضية الاخرى، انطلق الشباب صوب ميادين الرياضة شيّدت الملاعب والقاعات والساحات الشعبية ومضامير السباق والمنتديات الشبابية والرياضية، خصصت مئات الملايين من الدولارات للقطاع الرياضي بمجمله، زاد اقبال الشباب على الرياضة، لم يعد اللاعب فقيرا كما السابق، معظمهم لديه جوازات سفر بامكانهم السفر والمشاركة في البطولات، باختصار توفرت كل المقومات لكن.. لم نجد رياضة، فقد ضاعت خيوطها في دهاليز الفساد الاداري والمالي، نعم ضاعت رياضتنا بين قبائل الرياضة ومافياتها، وتسبب بانحدار الكثير من الالعاب الى ادنى مستوى لها، عدد كبير من الاندية عبارة عن دكاكين، جربت المؤسسة الرياضية الحكومية إلغاءها، فجوبه قرارها بقوة، وحاولت ان تزيح عددا من الادارات الفاسدة، فوقفت جهات متنفذة لها بالمرصاد، سحب بساط الاندية منها لينتقل الى الاولمبية التي تعيش هي الأخرى في بيت من زجاج ممكن ان يتهشم في اي لحظة بحجر فاسد، او ربما باحجار مصلح وهو يبحث عن مفقود اسمه رياضة العراق.