الوطن كرامة

العراق 2021/08/03
...

سالم مسكور

لا وَطن بدون كرامة، ولا كرامة لوطن بدون كرامة أبنائه، وما لم يكن للمواطن كرامة لا تتوقع أن يحترم الآخرون بلدنا وإنساننا. عشت في عدة دول ورأيت بعيني كيف أن السلطات لا تحترم العراقي رغم كفاءاته وخدماته لتلك البلاد، لسبب بسيط هو أن الحكومة آنذاك لا تحترم العراقيين بل تطاردهم وتقتلهم وتعتقل ذويهم في العراق لابتزازهم.
كرامة العراقي تبدأ من الداخل، ومن أبسط الأمور. تكفي نظرة سريعة الى الدوائر والمؤسسات الرسمية لمعرفة كيف تهدر كرامة المواطن في أكثرها، بدءا من الروتين الذي لا ينتهي وليس انتهاءً بأسلوب تعامل الموظف الفظ مع المراجع، ناهيك عن حلقات الفساد والابتزاز المالي والأخلاقي. 
في المقابل، فإن الانسان العراقي عانى من هدر الكرامة طوال عقود. تشبع بثقافة أن السلطة هي المالكة له وما يملك، وان حقوقه الطبيعية مجرد مكرمات من السلطة، لذلك تراه يتذلل ويتوسل لأخذ حق بسيط. انها ثقافة الأنظمة الشمولية التي عاشها العراقيون طوال عقود ولم يخرجوا منها رغم انتهاء ذلك النظام منذ ما يقرب من عقدين. يتساوى في ذلك أفراد الإدارة العامة بجميع مستوياتهم، والناس العاديون. 
في الأنظمة غير الشمولية، فإن الثقافة تختلف. الناس هم من يملكون وليست السلطة، وما الأخيرة سوى موظفين يخوّلهم الناس إدارة شؤونهم، مقابل رواتب هي من مال الناس (المال العام) وليس مال سلطة أو حاكم. بالتالي فان الموظف -مهما علا منصبه- ما هو الّا موظف لدى الشعب، وما يؤديه هو واجب وليس منّة منه. 
عندما نريد بناء وطنية، علينا أن نبني وطناً قبل كل شيء، والوطن هو كرامة يشعر بها من يعيش فيه وبالتالي فانه يتمسك بالوطن حرصاً على كرامته. والكرامة لا تأتي فقط باحترام الانسان ومعاملته باحترام في الدوائر الحكومية، انما في توفير سبل العيش الكريم والآمن، ترجمة لمقولة الامام علي عليه السلام "خير الأوطان ما حملك". من هنا نجد أن منسوب الشعور الوطني ينخفض كثيرا لدى الشعوب المبتلاة بحكم الدكتاتورية، ويرتفع عند سواها.
نحتاج الى وعي بأن الانسان هو الأساس، وكرامته هي أساس المواطنة، والوطن هو كرامة في الداخل تؤسس لكرامة في الخارج فلا قيمة ولا كرامة لوطن لا يُكَرّمُ مواطنيه.