إنتاج درامي مدفوع الثمن

الصفحة الاخيرة 2021/08/04
...

 رضا المحمداوي 
 
تُجسّدُ الأنواع الدرامية التي تنتجُها القنوات العراقية انموذجاً واضحاً للمنحى او الاتجاه الثقافي العام لتلك الأعمال الفنية وما تُشكّله من اهمية وخطورة نظراً لما تحتويه من مضامين لها مساس مباشر بعمليات التلقي اللازمة لتمثَّل ذلك المعطى الثقافي وما يتركه من تداعيات وتأثيرات مجتمعية.
وفي موسم الماراثون الدرامي السنوي الذي تشهده بعض القنوات لدينا أصبح التنافس والتباري واضحاً من اجل استقطاب اكبر عدد ممكن من شرائح الجمهور العام وتحقيق نسبة المشاهدة العالية التي قد تكون سبباً لجذب أصحاب الإعلان التجاري المدفوع الثمن للترويج عن بضاعتهم.  
وقد اصبحتْ عملية التنافس تشملُ حتى النوع الدرامي المعروض وما يحتويه من مضمون فكري ورسالة اخلاقية واعلامية عامة، فما تنتجه هذه القناة رُبَّما يتعارضُ تماماً مع ما تقدَّمه قناة اخرى، وسبق لنا أنْ شاهدنا اعمالاً درامية انطوتْ على مضمون صادم اصبحَ في ما بعد مثيراً للجدل، الأمر الذي اثار حفيظة قنوات أخرى والتي سرعان ما  قامتْ بالرّد درامياً على ذلك النوع الفني. 
الا أنَّ ارتفاع تكاليف الإنتاج الدرامي في ظل ظاهرة التضخم وارتفاع اسعار البضائع والسلع جراء الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها قد دَخَلَ على خط المنافسة بين تلك القنوات، ولا بُدَّ من الإشارة الى أنَّ ارتفاع تكاليف الإنتاج املتْه الضرورة الفنية، لأنَّ الأعمال الجادة تنطوي على محمول فكري ثقيل، لذا يحتاج النص المكتوب على الورق الى التشعب والتمدّد من حيث الخطوط الدرامية والحبكات الثانوية والشخصيات ومواقع التصوير وغيرها.
فعلى سبيل المثال ارتفعتْ تكاليف المسلسل الدرامي ذي 30 حلقة فئة ساعة تلفزيونية الى اكثر من مليار دينار، بينما تراوحتْ تكاليف المسلسل الكوميدي فئة نصف ساعة بـ30 حلقة بين 500 الى 750 مليون دينار، ورغم ذلك فانَّ بعض القنوات وخاصةً المَعّنية بالإنتاج الدرامي قد وَجَدَتْ نفسَها تحت ضغط تحقيق رسالتها واجندتها الإعلامية مضّطرَة لخوض هذه المغامرة والإصرار على الإنتاج الدرامي المدفوع الثمن والمُجَند لغرض محدد وهدف مقصود.