الكهرباء ومبررات الحلول البديلة

اقتصادية 2021/08/10
...

محمد شريف أبو ميسم 
 
تبلغ الحاجة الفعلية لاستهلاك الكهرباء في البلاد نحو 25 ألف ميغاواط، بحسب تقرير صادر عن اللجنة التحقيقية البرلمانية في تشرين الثاني الماضي، والذي كشف عن قدرة البلاد على انتاج 19 ألف ميغاواط، وهو ما لم يبدو واضحا خلال الأيام التي شهدت ارتفاعا حادا في درجات الحرارة وانخفاضا في معدلات التجهيز.
التقرير أورد معلومات خطيرة، ليس أهمها {تمويل وزارة الكهرباء بقروض خارجية تصل مديات تسديدها الى عام 2048}، إذ يعد هذا الأمر بالغ الخطورة في سياق المديونية التي استخدمت كأداة لتركيع الكثير من البلدان لصالح إرادة الدائنين، عبر تراكم الفوائد على أصل الدين، إلا أن تقديم الضمانات السيادية الى عدد من الشركات الأجنبية- كما ورد في التقرير- يندرج في ذات السياق الذي يرهن مستقبل البلاد بيد الدائن، ومع كل ذلك تواصلت حالة التراجع في هذا القطاع تمهيدا للقبول بأمر ما.
والذي يثبت أننا ماضون نحو هذا الأمر، ما ورد بالتقرير بشأن انفاق 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال 15 سنة الماضية من دون جدوى، علما ان كلفة توليد {ألف ميغاواط من الكهرباء تبلغ مليارا الى نحو مليار و400 مليون دولار، بضمنها بناء المحطات وشبكات التوزيع وشراء أغلى انواع الوقود}. ما يعني أن حجم الهدر كبير في الأموال، والهدر لم يكن في حدود المبلغ المشار اليه، وإنما يمتد ليشمل ضياع الوقت وفرص التنمية الحقيقية جراء تعطل مفاصل القطاعات الانتاجية، فضلا عن الهدر في مدخولات الأسر بفعل الانفاق على خدمة المولدات وما يتبعها من نفقات، بجانب الأضرار النفسية والجسدية والمعنوية التي تقع على الانسان وبيئة الأعمال، والإحساس الجمعي بالإحباط الناجم عن استمرار ضجيج المولدات ودخانها وتشابكات الأسلاك بما يجعل النفس البشرية منكسرة جراء استدامة الفشل، وهذا ما يدجّن العقل للقبول بفكرة الخصخصة على الرغم من المعارضة القوية
لها.
ولكي نؤكد ما نحن بصدده، لنستدل بما ورد في تقرير اللجنة البرلمانية، ومنه (أن فشل الانتاج كان بسبب بناء محطات توليد بعيدة عن مصادر الوقود، وان الوزارة تعاقدت على انشاء محطات كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي بالرغم من عدم توفر الكميات المطلوبة لتشغيلها، فضلا عن عدم اكتمال الخطوط الناقلة للغاز، إذ تم تشغيلها باستخدام الغاز الثقيل مما أدى الى انخفاض طاقتها الانتاجية..) وهنا ينبغي علينا التذكير بأن أنموذج الدولة التي تعمل بنظام ليبرالية السوق تمنح السلطة الى رأس المال.