عبدالزهرة محمد الهنداوي
يتباين دور القطاعات الثلاثة، العام والمختلط والخاص، في ادارة وقيادة التنمية، ولكن الغلبة والمساحة الأكبر، دائما تكون من حصة القطاع العام، لما يمتلكه من أصول ضخمة، وامكانات بشرية ومالية، في حين يبدو دور القطاع المختلط، متواضعا، وربما غير فاعل بالنحو الذي ينبغي ان يكون عليه، ولعل المنافسة الاشد تنحصر بين القطاعين العام والخاص، لما يتوافران عليه من امكانات معروفة.
وفي الحديث عن القطاع المختلط، بوصفه يمثل المرحلة الانتقالية، او حلقة الوصل بين قطبي التنمية العام والخاص، في اطار سياسة التحول من {الاقتصاد الاشتراكي} الى {الاقتصاد الحر}، فإن الامر يتطلب التوقف عند واقع هذا القطاع، واسباب تراجع دوره التنموي، على الرغم، مما لديه من امكانات وتاريخ جيد، فإن هذا الحديث يقودنا، الى ضرورة، أن نبحث عن اليات ومسارات يمكن من خلالها تفعيل نشاط القطاع المختلط، في ظل وجود عدد غير قليل من الشركات الكبيرة، في القطاع العام، التي تراجع مستواها، ومن ثم، ينبغي، التفكير بتحويل تلك الشركات الى قطاع مختلط، كخطوة اولى، باتجاه خصخصتها، وتحويلها من شركات خاسرة، تشكل عبئا على الموازنة، الى شركات رابحة، او على الاقل، {تمشي حالها} بمعنى لا رابحة ولا خاسرة، ثم بعد ذلك، تأتي الخطوة الثانية بنقل تلك الشركات الى القطاع الخاص، الذي من المؤمل والمفروض، ان يتولى زمام قيادة وريادة التنمية في البلاد، من الجانب التنفيذي، اما رسم السياسة التنموية، فيتولاها القطاع العام، كما هو عليه حال الكثير من البلدان التي مضت في مثل هذه السياسات وحققت نتائج كبيرة
ومهمة.
وقد تبدو فكرة، تحويل منشآت القطاع الحكومي، الى مختلط، غير مقبولة، او لايمكن استساغتها، في ظل استمرار، الخشية من نظرية الخصخصة، واعتبار ذلك، تسليم مصير الاقتصاد ومن ثم المجتمع الى ماكنة لاترحم!، في حين اثبتت التجارب الاخرى، لا مشروعية هذه الخشية، خصوصا اذا ماكانت هناك قوانين وانظمة تضبط ايقاع اداء القطاع المختلط او الخاص، بما يضمن حقوق الطرفين (المستهلك والمنتج)، من دون اجحاف، او تعسف او بغي من احدهما على الاخر. وعلى هذا الاساس، فإن عملية النهوض بالقطاع المختلط، تتطلب اعادة النظر بالكثير من السياسات والآليات والاجراءات، بنحو يسهل عملية، تحويل الشركات العامة الى قطاع مختلط، وعلى مراحل ووجبات، لكي لاتحدث عملية ارباك او اختناق، لاننا سنكون ازاء صيرورة اقتصادية جديدة، لن يتم استيعابها بسهولة، وهنا ربما تبدو الحاجة ملحة، لتشكيل مجلس خاص، يُعنى بإدارة وتطوير القطاع المختلط، على غرار مجلس ادارة القطاع الخاص، الذي اعلنت وزارة التخطيط عن تشكيله مؤخرا، كما ان المشهد بحاجة الى سن قوانين او اصدار تعليمات جديدة، تمكّن القطاع المختلط من ادارة منشآته التي ستتضخم كثيرا، اذا ما جرى تحويل منشآت القطاع
العام اليه.