دفاعاً عن الديمقراطية

العراق 2021/08/11
...

علي حسن الفواز
لا أحدَ أكبر من أحدٍ كما تقول الديمقراطية، وهذه المساواة تتطلب المشاركة الحقيقية في العمل، وفي تحمل المسؤولية، لأنها تعني الثقة بتلك الديمقراطية، وبكونها من أكثر الوسائل نجاعة وأمانا  لبناء الدول، ولحماية المجتمعات من الاستبداد والطغاة.. كما أنها تعني احترام النظام الذي ينبثق منها، والقانون الذي تُشرّعه مؤسساتها لحماية أمن الدولة، وأمن المجتمع بمكوناته واطيافه المتعددة والمتنوعة..
هذه الديمقراطية، رغم كونها جديدة في الوعي الاجتماعي والسياسي، وفي الممارسة، وفي البناء المؤسسي، لكنها لاتعني المستحيل، ولا فقدان الثقة بالمستقبل، والاستسلام للعشوائية، وبالتالي يظهر الاستبداد وصناعة المستبد وكأنها هي الحلول السهلة التي يندفع اليها البعض لاختصار الوقت، ولتعويم الاخطاء، والتغاضي عن مظاهر الفساد والضعف التي سيتعرض لها المجتمع والدولة.
حماية الديمقراطية تحتاج الى ثقافة الديمقراطية ذاتها، على مستوى الوعي والثقة بها، وعلى مستوى السعي الحثيث والمتواصل لتطوير عمل مؤسساتها، تشريعيا، واخلاقيا، واداريا والالتزام بسياقاتها الحاكمة، فضلا عن القبول بعمل آلياتها في السياق الانتخابي، وفي تداول السلطة سلميا، وفي اجراءات التنافس الحر، لاسيما  في واقعنا الذي عانى كثيرا جرّاء تاريخ طويل من هيمنة مظاهر المركزيات الكبرى، في ادارة الدولة والمجتمع وفي ادارة الثروة، وفي تأمين الحقوق العامة والحريات، وهو مايعني حاجتنا الى عملٍ جاد ومتواصل يستهدف تأهيل كثير من الأفكار وصيغ العمل، ولتيسير تداول مفاهيم ذات بعد فلسفي وتنظيمي، لكنها لا تنفصل عن العمل الديمقراطي، مثل الحرية والواجب والعدل والحق والسلم الاهلي وغيرها..
وفي سباقنا الانتخابي المقبل تبدو الحاجة الى حديث الديمقراطية ضرورية، وذات اهمية قصوى، بتفعيل عمل القوى السياسية، وحرصها على التفاعل والتواصل مع استعدادات العمل الانتخابي، المؤسساتية والأمنية والاعلامية، بعيدا عن الاكراهات التي يمكن أنْ تخلّ بقواعد واسس الديمقراطية، ولكي تكون هذه الانتخابات مجالا حيويا للتعبير عن الرأي الحر، وعن المشاركة الفاعلة، مثلما تكون فرصة لتأكيد أن الديمقراطية ليست درسا مستحيلا، فالشعوب الحية تصنع مستقبلها بالعمل والايمان والتعاون والحرص على سلمها الأهلي، وعلى جعل تلك الديمقراطية خيارا وطنيا واخلاقيا لصناعة ذلك المستقبل بعيدا عن روائح الاستبداد والديكتاتورية التي اورثتنا تاريخا طويلا من الفجائع والحروب والاوجاع..