الامام الحسين (ع).. الاستذكارية الحزينة

فلكلور 2021/08/12
...

 باسم عبد الحميد حمودي
 
هي أربعون يوما وليلة تبدأ في العاشر من شهر محرم الحرام وتختتم في اليوم العشرين من صفر.
الصراع بين حق الثورة وباطل القتلة
في هذه الليالي والأيام يكون لقارئ المجلس الحسيني القدر الكبير في أحياء ذكرى الاستشهاد ووقائع فاجعة القتل الظالمة والاجتراء على ابن بنت رسول الله محمد  (ص) من قبل زمرة ضالة قاتلت حفيد محمد باسم الدولة، مدعية أنها تقتله باسم الدين وشتان بين حق الثورة التي قادها الامام الشهيد وهو ابن رسول الله (ص) وبين باطل القتلة ممن دعموا المارق يزيد ومن معه ممن خرجوا على مبادئ الشريعة السمحاء.
 مجالس الحسين الملهمة
درجت المجالس الحسينية التي تحيي هذه الذكرى الحزينة وتستلهم منها العبرعلى بدء التنبيه بالمآثر الحسينية، منذ اليوم الأول والليلة الأولى من محرم الحرام لاعادة تجسيد الوقائع المؤلمة، التي تنتهي باستشهاد الامام الحسين في العاشر من محرم.
في هذه الأيام والليالي يجسد قارئ المنبر الحسيني وقائع يوم (الطف)، حيث جرت المعركة الأخيرة بين سبعين رجلا وفتى يقودهم الامام الشهيد وبين الآلاف من جند يزيد.
في هذه الليالي العشر يبدأ الخطيب (أو الملاية في المجلس النسوي) في الليلة الأولى بذكر الأهلة والأشهر الحرم عند المسلمين والتذكير بضرورة اقامة مجالس استذكار الوقائع الحزينة في مقتل الامام واهل بيته واصحابه.
في الليلة الثانية يذكر الخطيب فضائل أهل البيت النبوي الكريم وذكر خروج الامام الحسين من الحجاز، متجها الى الكوفة وحديثه قبل هذا مع السيدة أم سلمة وأخيه محمد بن الحنفية، الذي عارض خروجه هو وعبد الله بن عباس، وابراز الامام لهما رسائل العراقيين الداعية للخروج والبيعة له عليه السلام.
في الليلة الرابعة ذكر أهوال الطريق الصحراوي والمقابلة مع جابر بن عبد الله الأنصاري.
في الليلة الخامسة يكون حديث المجالس عن استشهاد مبعوث الامام الحسين الى الكوفة ابن عمه مسلم بن عقيل الفاجعة، وهنا يذكر الخطيب كيف وصل مسلم الى الكوفة وحفاوة الناس به، ثم انصرافهم عنه بعد هذا، مضطرين نتيجة سياسة الترهيب الذي اتبعها والي الأمويين في الكوفة حتى مطاردته وقتله.
في الليلة السادسة يكون الحديث عن مصرع الحر الرياحي وحبيب ابن مظاهر، وعن أحوال النساء الاطفال العطشى في المخيم الحسيني.
في الليلة السابعة يكون الحديث عن مناقب وشجاعة الامام العباس بن علي قائد جيش الحسين وقدرته الفائقة على القتال وهزيمة الاعداء، لكن قدرة العباس الكبيرة تقابلها الكثرة الظالمة التي كانت تهاجمه على البعد، وهو يحمل قرب الماء الى مخيم النساء والاطفال وصموده بوجه العدوان، حتى تغلبت الكثرة على الشجاعة، فأثخنوه بالنبال ثم قطعوا يديه ثم رأسه الجميل في مشهد مأساوي مؤلم. 
في الليلة الثامنة تجرى مراسم عرس القاسم بن الحسن على السيدة سكينة بنت الحسين، وتتولى المجالس النسائية تجسيد العرس بأبهى صورة حتى استشهاده عليه السلام ليلة عرسه.
في الليلة التاسعة تتجسد وقائع استشهاد علي الأكبر وفي الليلة العاشرة يتولى خطيب المجلس تلاوة وقائع استشهاد الطفل عبد الله الرضيع بيد والده الامام الشهيد، وتصوير حسرة الامام على ولده الراحل، بينما يكون صباح اليوم العاشر مخصصا لتلاوة وقائع المقتل الرهيبة الحزينة وسير المواكب في ارجاء المدن والقرى. واصحابها يرددون مقولات شعرية حزينة في ذكرى الامام الشهيد.
الأيام الأخر ولياليها.. حتى مرد الرأس
تجرى فيها جلسات المجالس في الجوامع والحسينيات ودور الموسرين وفضاءات القرى للحديث يوميا عن مناقب آل البيت الكرام، واستذكار بعض وقائع معركة الطف حتى الوصول الى اليوم الاربعين، حيث تجري وقائع دفن رأس الحسين عليه السلام في كربلاء مع جسده الطاهر من قبل بني أسد ومن والاهم في أرض كربلاء في ما يسمى شعبيا (مرد الراس). أي عودة الرأس الشريف الى جسده في مشهد حزين من مشاهد هذه المأساة التي يتكرر تجسيدها كل عام.
من عبر التذكير والتجسيد
 إن يؤمن الانسان أن ثورة الامام الحسين عليه السلام جاءت من أجله، وأنها الثورة التي عبرت عن أصالة الفكر الحي والدين الحق، وأن الباطل ذاهب الى الخسران دوما، ذكره سيئ وذمه مباح لسوء عمله، وأن الحق أحق أن يتبع وتستجلى معانيه الخيرة وأهدافه النبيلة، وما الثورة الحسينية الا دليل الوعي والأصالة على مر العصور.