حاضنة للورقة البيضاء

اقتصادية 2021/08/14
...

ثامرالهيمص
 
بمناسبة الشروع بالعمل وفق ما جاء في الورقة البيضاء الصادرة عن الحكومة المركزية، التي لا يسعنا احتواؤها بعمود واحد، ولكن لا يمنع تناولها كونها خارطة طريق عملية، ولكي تمضي خطوات العمل ،بموجبها، متماسكة ، ينبغي ان يعمل الجهاز التنفيذي، كمؤسسة مع مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة او المؤثرة كالنقابات والجمعيات والاتحادات وغرف التجارة والصناعة، ولكن هذه المنظمات كانت وما زالت مواكبة لاداء الجهاز التنفيذي بأدائه المعروف للسنوات الـ 18 الماضية.
لذلك لا بدَّ من ورقة بيضاء لتلك المنظمات، فالقيادات شاخت في الاداء وأصبحت عبارة عن تدحرج حسب الضواغط، الا بعضها من ليست لها علاقة مباشرة، اذ هذه المنظمات تعاني من ذات الضغط على الادارة الرسمية (فاعادة الانتخابات) وتطبيق الرقابة على الاداء والتعاطي بفعالية مع المنجز وتطوير العمل عبر مؤتمرات حقيقية لذلك التشكيل، آخذين بنظر الاعتبار اولا أن تكون العلاقة مع الورقة البيضاء في سياقات عملها وادائها ومساندتها، علاقة مؤسسات. 
على الورقة البيضاء ايضا أن تاخذ بنظر الاعتبار ان مقومات السوق والتنافس لا تتوفر تلقائيا بفعل السوق نفسها، وانما من (خلال مؤسسات الدولة)، اي بمعايير الجودة والمواصفة الفنية التي تضعها هيئات حكومية أو شبه حكومية لها علاقة بالسوق.
واذا كانت كفاءة السوق ترتبط بحد ادنى من العدالة الاجتماعية، فتدخل الدولة هو الكفيل الوحيد باعادة توزيع الدخل عبر آليات من بينها السياسة الضريبية، اما ما يتعلق بشركات الدولة ذات التمويل غير الذاتي، فعلاجها كخسارة متراكمة ينبغي ان يكون سريعا واساسيا لضمان خطى ثابتة للورقة البيضاء، فالقطاع الخاص الفاعل ليس من اولوياته معالجة واقع هذه الشركات خارج الخصخصة. 
لذلك لا بد من تمرير هذه الشركات من خلال اعادة القطاع المختلط الذي سيكون بعد تحرك الوزارات المعنية كشركاء فيه، للنشاط لكي تكون مؤهلة للاستثمار مع القطاع الخاص في هذا الحقل الذي افشلته عوامل كثيرة، وقد يكون هذا مخرجا من خصخصة متواكبة مع المد الاستيرادي، الذي يمول الى دورة خارجية لا تتفاعل مع الدورة الاقتصادية العراقية، لتتحول بسبب ذلك الصناعة الى مجرد علاقة كمبرادورية مع الراسمال الاجنبي، كما هي طبيعة الاستيراد الاستهلاكي الذي عمق اقتصادنا الريعي لصالحه.
فالقطاع المختلط بعد احياء المجمد منه كنماذج شاخصة عندنا، لم تزدهر او تعود لسابق نشاطها بسبب التنافس والتقاطع مع الاستيراد، وكذلك مصانع الملابس والاغذية، فتجربة السمنت نجحت في القطاعين العام والخاص، لذلك فالمرور عبر فلتر القطاع المختلط واصلاح العمل النقابي، يفرز بعد كف استيراد ما يمكن انتاجه محليا، الحاجات الاساسية عن الثانوية وعن الترفيهية، التي نراها في المولات، لان الاستيراد اوصلنا لغلق الصناعة وتحجيم الزراعة، ما ادى الى تفاوت طبقي غير مسبوق بسبب نشوء شرائح اجتماعية خارج عن السياقات، التي الفناها لعشرات السنين، وخرق قوانين التقاعد من خدمة وتحصيل علمي، ولكن الأدهى شرعت قوانين استثنائية لها، فاصبحت رقما صعبا في الموازنة، ما اربك صندوق التقاعد، كما يحذرنا البنك الدولي، كما جاء في الصفحة 14 من الورقة البيضاء، فحسب توقعات البنك الدولي سيعاني صندوق التقاعد عجزا كبيرا في العام 2025 ستتحمله الموازنة جراء عدم تفعيل العمل بالورقة الاصلاحية.