ساكنو العشوائيات.. جديدهم قديم حتى صدور قوانين تسعفهم من البؤس!

العراق 2021/08/17
...

 السماوة : نافع الناجي
 
لا يَختلف المشهد كثيرا لدى أبو محمد، فخارج منزله كداخله، وحاله حال ملايين العراقيين الذين يعيشون في العشوائيات بعدما أسقط في يدهم وتعسّرت الحلول، لتكبر وتتكوّر مشكلة سكنة العشوائيات مثل كرة ثلج عملاقة حتى تحول 13 % من سكان البلاد الى السكن في العشوائيات.
تلك النسبة تعادل اكثر من ثلاثة ملايين شخص، هي تقديرات وزارة التخطيط للسكن العشوائي، التي بدورها تشير الى ان العراق بحاجة الى خمسة ملايين وحدة سكنية جديدة لاحتواء النمو الكبير في السكان.
كان النزوح من بلدته الأصلية إبان التهجير القسري في العام 2006، هو السبب الرئيس الذي جعل ابامحمد واسرته يغادرون منزلهم ويقطنون في السكن العشوائي الخرب هذا، يقول: ان "الاسباب عديدة" دفعته الى العيش في مكان تغيب عنه الخدمات، ويعيش الفقر المدقع الذي يجعله عاجزاً أحياناً عن سد رمق اطفاله من الخبز. 
لكنه يتساءل: الم يكفل دستور البلاد العيش الكريم لأبناء الشعب، فلماذا انا في هذا البؤس منذ (15) عاماً؟ وأين هي الحلول التي ناقشها المسؤولون آلاف المرات ولم نجد لها واقعاً ملموساً؟
من حق مئات الالاف من أمثال هذا الرجل ان يبحثوا عن حلول، بعد ان بقيت القوانين حبراً على ورق وبعد ان أهدرت المليارات من موازنات البلد الموصوفة بـ (الانفجارية) اغلبها في مشاريع وهمية لم تصل ابداً لمعاناة هؤلاء الذين يحلمون بسقف يحميهم من حرّ الصيف، وقرّ الشتاء.
كثير من التجاوزات التي حصلت على أملاك الدولة ومبانيها، تجتمع خلفها تخبطات ما بين سوء التخطيط وضعف إدارة هذا الملف، فهناك أزمة حقيقية في قلة فرز الاراضي السكنية وتوزيعها بين ابناء هذا الوطن، كما ان القروض المرصودة للبناء وإضافة وحدات سكنية جديدة تنفذ ببطء وبروتين صعب ومرهق، مما فاقم من ندرة المساكن وتسبب بارتفاع بدلات ايجار الدور والشقق السكنية على قلتها وتزايد أعداد السكان، يقابل كل ذلك ارتفاع مهول بنسب البطالة التي وصــلت الى 31 % كما اعلن الجهاز المركزي للإحصاء السكاني في العام 2020 ، ثم أكملت أزمة وباء كورونا المشهد لتزيده قتامة، مابين إصابات كثيرة وإغلاقات تضرر اقتصاد العراق بعدها بشدة، ويستمر غياب الحلول.
ومع تفشي وانتشار العشوائيات بكل المحافظات تقريباً، باتت مدن الصفيح منظرا لايليق ببلد مرموق مثل العراق يحتل موقعاً مهماً في صدارة منتجي ومصدري النفط الخام الى العالم.
ويتساءل سكان تلك العشوائيات أين مشاريع الاسكان الشعبي التي كانت تنفذ في طول البلاد وعرضها منذ ستينيات القرن الماضي، وأين الدور الواطئة الكلفة واين مجمعات السكن العمودي زهيدة التكاليف؟