الورقة البيضاء والقطاع الخاص

اقتصادية 2021/08/20
...

ثامر الهيمص
 
لم يكن للقطاع الخاص، تاريخيا وفي اهم التجارب، اليد الخفية التي تنظم اداءه الحاسم في اقامة الدولة الحديثة بحكوتها وسيادتها، بل العكس، اذ كان للدولة دور حاسم في تهيئة الظروف الملائمة لنجاح القطاع الخاص من تهيئة الاسواق خارجيا وداخليا، الى التدخل بالموازين والاسعار والمواصفات، وتمنع ما يعوم الحاجات الاساسية بعدالة اجتماعية، ولذلك قيل (الانسان بلا دولة يخسر كل شيء). 
إن مبدأ مرجعية الدولة في ادارة الاقتصاد هو حجر الاساس، وهذا لا يعني الانغلاق بقدر ما يعني تعزيز الانفتاح على القطاع الخاص في ضوء ذلك، فالقطاع الخاص المؤهل للتناغم والتكامل له أسس وتاريخ اولها ان يكون من اركان الاقتصاد الحقيقي بزراعته وصناعته وتجارته ذات الميزان المتعادل استيرادا وتصديرا.
فهل قطاعنا الخاص جاهز لهذا الدور؟ نعم انه سيكون جاهزا متى ما كان القانون داعما، ونحن نعلم انه، عمليا لا يوجد ممثل لهذا القطاع قانونيا، حيث الاصطفاف الاكبر يعود للقطاع العام، الذي لا يزال يسعى لتأهيل القطاع المالي، بما في ذلك اصلاح المصارف الحكومية، وتمكين الاهلية منها، من لعب دورها المطلوب كما جاء في الورقة البيضاء ص 54. 
فكيف يتسنى للمصارف الاهلية ان تنتظم مع القطاع المالي وهو غير مؤهل بعد 18 عاما من السعي والبرامج بتاهيل مصرفي الرافدين والرشيد؟ كما ان مجرد التأهيل لا يعني ان تتكامل المصارف الاهلية مع المصرفين او مع البنك المركزي، تلقائيا بسياسة تنموية موحدة .
والسبب معروف وهو المصارف المخالفة لابسط قواعد العمل المصرفي، لم يسلط الضوء الكافي عليها، بحيث يستعيد المودعون الثقة بالعمل المصرفي، لذلك بات دور المصارف الاهلية محددا 
بـ 10 % او اقل، ناهيك عن الارباكات الساندة، فالشفافية فيه ليست مجرد دليل للاستقامة، بل انها عنصر حيوي لا يمكن تصور اي نجاح مكتمل الشروط من دونها .
وما دامت هناك اموال خارج المصارف تعادل ثلثي الكتلة النقدية، كان الدين الداخلي والخارجي حلا، وبعجز في الموازنة، تتقاذفه الجهات المناوئة للورقة البيضاء، العجز الذي يأتي في سياق العلاقة المتنامية مع صندوق النقد والبنك الدوليين.
لكن ما زال في القوس منزع، فالتراجع لا يخدم أحدا وكذلك الانغلاق، بعد تجربة حصلت في الميدانين العام والخاص قبل وبعد 2003 لم نكن محسودين عليها، لذلك استحقت واستوفت المراجعة. 
فالورقة البيضاء تدرك جيدا خطورة الامر من التكييف الهيكلي الى تحرير التجارة وعوامل تناميها الموضوعية والذاتية، تعرضت لنقد بناء من اطراف كانت فاعلة في المرحلتين قبل وبعد 2003، ولا يمكن مساومتها بكل الاحول بل المضي في الخيار الوطني من خلال الحوكمة والحكومة الالكترونيتين بارادة وطنية
 اولا .