عاشوراء.. القائد الإنساني ومنهج الدولة

آراء 2021/08/22
...

سعاد حسن الجوهري
لا يختلف اثنان على ان القضية الحسينية انبثقت من الواقع وتعاملت مع معطياته، لكونها ذات قيمة إنسانية وعطاء منفرد النظير استهدفت اعادة الأمة الى جانب من رشدها المضاع وتفكيرها المسلوب، جراء مشروع اللا دولة الذي كان يروم العصف بالمنجز المتحقق بفواتير التضحيات الجسام لعقود مضت.
ترسيخ اسس بناء مشروع الدولة تطلب تقديم وبذل التضحيات ومجابهة الواقع القادم مهما كان الثمن. من هنا كان يوم الطفوف امتحانا عسيرا لمعسكر الحق كما ايضا هو لمعسكر الباطل. والنتيجة ترسخت في ابعاد هذا الامتحان والنتائج التي حققها للطرفين مهما كانا على طرفي نقيض. فالنصر العسكري عجز عن التباهي امام النصر المعنوي الذي قوض مشروع اللا دولة بكل ما أؤتي من قوة. 
وبعد تحقيق هذا النصر الخالد أيقنت الاجيال بان عاشوراء ملحمة ولدت عن ظلمات اندست بين خفايا التاريخ واستقرائها لا ينطلق من يوم وقوعها، لكنها تجسدت في عصر أبيح فيه قتل الإنسان وانتزاع مفهوم الإنسانية وأبيح فيه تحريف القرآن والتطاول على أحكام الخالق. وان الحدث الحسيني الذي تجسد في الواقعة ما هو إلا انعكاس مخبوء، يحمل بين أكتافه خطايا أدراج التواريخ التي استبصرتها العصمة المحمدية وأعقبتها العصمة الإمامية ليخرج الإمام ملتهباً مدرك الموت والاستعداد للتضحية من اجل صون المشروع. 
وهنا ايضا تبدد الشك من أن عملية استحضار تلك اللحظات وما لها من وقع على الذات في صياغتها وتشكيلها تحتاج إلى تتبع الخط الزمني لانبعاث الثورة في مساره المرتبط بمعايير القيم المتصارعة. وهذا يعني أن الخطاب الحسيني «إنما خرجت لإصلاح أمة جدي» كان حكماً ونتيجة اقتضته ظروف المصلحة الفعلية لإعادة المنهج الإسلامي إلى نصابه الصحيح على أساس الهيئة التي تشكل النسبة بين العقيدة السماوية والحاكم. 
ففي تلك الموقعة الكبرى تجلى البعد الديني والإنساني للنهضة الحسينية في ما حققته في حفظ المبادئ الحقة. واما البعد السياسي والعالمي فتجلى في مصاديق الثورة التي استوعبتها أهدافها السامية في الحرية والاستشهاد من أجل الكرامة ومجابهة الباطل. 
اخيرا وليس آخر، فان الاجيال على مدى العصور والازمنة ادركت ان منهج الإمام الحسين نجح باجتذاب الجماهير رغم التضليل الإعلامي ومبدأ شراء الذمم ومنهج طمس الحقائق او اتباع الترغيب 
والترهيب.