سعر الصرف بين انخفاض قيمة الدينار وزيادة مستوى الفقر

آراء 2021/08/28
...

 محمد باني آل فالح
يعتمد النشاط الاقتصادي على حركة البضائع والسلع التجارية في السوق التي تكون من مفاصلها مستوى دخل الفرد الذي يحدد مقداره قيمة العملة المحلية أمام سعر صرف الدولار، ويرتفع مستوى التضخم عند زيادة مستوى دخل الفرد وزيادة القدرة الشرائية وتنوع البضائع والسلع في السوق، ومعها ازدهار الحركة التجارية وارتفاع مستوى بيانات الاستيراد وانتعاش الاستثمار النقدي في الداخل. وطبقاً لذلك تحدث زيادة في فرص العمل واستقرار الأوضاع الداخلية وزيادة التنافس في مجال الاستثمار 
ما يفسح المجال أمام الاستثمار الخارجي ويسهم في زيادة الحركة النقدية المصرفية وتأمين سيولة نقدية تسهم في انعاش السوق وفتح مشاريع تنموية اقتصادية وتجارية في مجال البناء والعقارات الذي يعد أحد أبواب النمو الاقتصادي للبلد.
وهنا تذهب بعض الاقتصاديات الى خصخصة المؤسسات الخدمية والترفيهية والسياحية وتذهب بعضها الى أبعد من ذلك.
حيث يتم الاستثمار في جميع المؤسسات الحكومية ويقتصر عملها على تأمين الجانب الإداري والأمني للدولة، وهو ما يعد ضرائب ضمنية تفرضها الدولة على المواطن في البلدان المتقدمة قتصادياً، والتي تؤمن مستوى دخل عال نسبياً، وذلك لتخفيف مستوى التضخم، الذي ينتج عن رتفاع سعر الصرف للعملة المحلية أمام الدولار، ومعها يكون غياب لمعدلات الفقر بين شرائح المجتمع وزيادة الاحتياط النقدي للعملة المحلية عند توفر وسائل الاكتفاء الذاتي أو وجود ماكنة صناعية ومشاريع تنموية رائدة، تعمل السلطة من خلالها في الحفاظ على العملة من الهروب للخارج عبر بوابة الاستيراد الوهمي أو نافذة بيع العملة وعملية غسل الأموال، عبر منظومة قوانين تصدرها السلطة المالية المعنية بالسياسة المالية (البنك
المركزي).
وبخلاف ذلك عند انخفاض سعر صرف العملة المحلية وقيام السلطة المالية بتغيير سعر الصرف (تعويم العملة) وارتفاع أسعار المواد والسلع التجارية ومعها عدم قدرة المواطن على شراء الخدمات، بسبب انخفاض مستوى الدخل وحدوث انكماش في القدرة الشرائية وكساد في السلع والبضائع وتراجع الحركة التجارية عن مستوياتها السابقة، مع ارتفاع أسعار العقارات ومواد البناء وزيادة أعداد العاطلين عن العمل وانعدام فرص الاستثمار بسبب ارتفاع التكاليف وزيادة الضرائب والرسوم، التي تفرضها الدولة مع خفض سعر صرف العملة المحلية على أساس مستوى الاحتياط المحلي من العملات الاجنبية والذهب، ولتعديل وتسوية ميزان المدفوعات وتوفير السيولة النقدية، التي يحتاجها البنك المركزي لامداد الخطة التشغيلية (رواتب موظفي الدولة) مما يضطرها أحياناً لطبع العملة المحلية، من دون غطاء من العملة الصعبة وهو ما يسبب فقدان الثقة بقيمة العملة وزيادة نسبة التضخم المالي، ولذلك يكون على الحكومة اتخاذ سياسة مالية لتعزيز القيمة النقدية لمستوى دخل الفرد، عبر اجراءات متعددة منها توفير الدعم اللازم لمفردات البطاقة التموينية شهرياً وتوفير دعم للعقاقير الطبية الخاصة بالأمراض المستعصية والسرطانية واصدار قرار بشأن تحديد أسعار الكشف الطبي والمختبرات واجراء العمليات والأسعار الدوائية وتقليل نسبة الضرائب والرسوم الخاصة بالمعاملات اليومية واصدار تعليماتها، بشأن توزيع الأراضي والشقق السكنية، للحد من ارتفاع أسعار العقارات وبدلات الايجار وتوفير قروض البناء والسلف دون فائدة ولفترة تسديد بعيدة المدى، مع الاهتمام بشريحة العاطلين عن العمل والفقراء والمحتاجين، من خلال اطلاق برامج تكافل اجتماعي عن طريق وزارة العمل، مع التأكيد على توفير نشاطات وبرامج تأهيل وتدريب لتشغيل الشباب بعد توفير فرص العمل، من خلال التنسيق مع الدوائر الحكومية وشركات القطاع الخاص والحد من دخول العمالة الأجنبية، واصدار تعليمات بان تكون 90 % من الايدي العاملة عراقية في القطاع الخاص، مع توفير الدعم اللازم للاستثمار الداخلي بما يؤمن قيام نشاط صناعي أو زراعي محلي، مع التأكيد على مؤسسات الدولة للنهوض بمسؤولياتها تجاه توفير الخدمات والبنى التحتية بما يعزز حاجة المواطن لتلك الخدمات، دون استنزاف قدراته المالية في مجال الماء والكهرباء والصحة والتعليم حيث لا يمكن هنا خصخصة الخدمات، التي تقدمها الدولة مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، لأننا بذلك نؤسس لتفاوت طبقي اجتماعي كبير مع زيادة مستوى الفقر وانعدام الطبقة الوسطى والمساهمة بارتفاع معدلات اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك انتشار الفساد والجريمة بعد تزايد أعداد العاطلين عن العمل، ونكون كمن يبني جسراً على دعامات 
رملية.