د. حيدر شاكر خميس

على الرغم من صدور التعديلات الدستورية المتتالية للدستور الأميركي بعد نهاية الحرب الاهلية الأميركية 1861 - 1865، الثالث عشر في العام 1865، الذي حرم العبودية وحرر العبيد، والرابع عشر في العام 1868 الذي منحهم المزايا والحصانات، التي يتمتع بها مواطنو الولايات المتحدة الأميركية، والخامس عشر في العام 1870 الذي منحهم الرجال السود حق الترشيح والتصويت في الانتخابات النيابية والرئاسية في الولايات المتحدة اسوة بأقرانهم البيض، الا أن هذه التعديلات لم يتم تطبيقها في الولايات الجنوبية في مرحلة اعادة اعمار الاعمار السياسي لها reconstruction بين العامي 1865 - 1877،

فأصبحت عدم المساواة الاجتماعية طريقة حياة للأميركيين من اصول افريقية، لا سيما بعد اصدار حكومات الولايات ما عرف بـ {القوانين السوداء}، التي نصت على مجموعة من الاجراءات التي كرست المزيد من العنصرية تجاه 

السود. 

بعد انتهاء مرحلة اعادة الاعمار بدأت مجموعات صغيرة من السود بالمضي قدما في التعلم وانشاء بعض الأعمال التجارية، فأحدث ذلك جدلا في أوساط البيض حول قدرة السود على الاندماج في المجتمع بعد قرون من العبودية، وفي العام 1893 كتب عالم الاجتماع والمؤرخ والناشط في الحقوق المدنية وليم اداوارد دو بويز مقالا بعنوان {الموهوب العاشر The talented Tenth}، ذكر فيه {ان العرق الزنجي مثل جميع الاجناس، سوف ينقذه رجاله الاستثنائيون، هو سيكون أشبه بالسباق بينهم، إن واحدا من كل عشرة رجال اميركيين سود، يمكن أن يصبح قائدا اجتماعيا في الولايات المتحدة الأميركية، اذا ما تابع تعليمه ودعا الى التغيير في المجتمع، ان السود يحتاجون الى متابعة التعليم التقليدي، بدلا من التعليم الصناعي، الذي روجت له واشنطن باستمرار، لن يكون رجال سود موهوبين، الا عندما نجعل الذكاء والتعاطف الواسع هو جوهر عمل المدارس، هذا هو منهج التعليم الذي يجب ان يكمن وراء الحياة الحقيقية التي يجب ان نعيشها}.

وأصبح مصطلح الموهوب العاشر شائعا في الولايات المتحدة الأميركية، وتم تطوير الفكرة من قبل الجمعية الأميركية المعمدانية للبعثات، التي تأسست العام 1896 شكلت مجموعة فرق مؤلفة من مجموعات من البيض، هدفت الى انشاء كليات أميركية للسود، لتعليمهم وتدريبهم على المهن المختلفة، وجمعية رابطة الأعمال الوطنية، التي انشئت بين مالكي الأعمال السود عبر الولايات المتحدة الأميركية، واكاديمية السود الأميركية، وهي اول منظمة في الولايات المتحدة الأميركية تهدف الى تعزيز المنح الدراسية للسود، وتأسست في العام 1897 واستخدمت لتعزيز انجازات السود في مجالات التعليم والفنون والعلوم، وحركة {نياجرا} التي تأسست في العام 1905 من قبل وليم اداورد دو بويز والصحفي وليم مونرو تروتر وهدفت الى نبذ العنصرية والطبقية اللونية، ونشرت صحيفة {صوت الزنجي}، وقادت العديد من الجهود المحلية لوضع حد للتمييز العنصري في الولايات المتحدة الأميركية، وزرعت البذور الاولى لتأسيس الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين {AACP}، التي تأسست في العام 1909 من قبل موفيلد ستوري وماري وايت اوفنفتن ووليم ادوارد دو بويز، وكانت مهمتها هي ضمان المساواة السياسية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية، بين جميع الاعراق والقضاء على التمييز العنصري، والرابطة الوطنية للنساء الملونات {NACW}، التي انشئت في العام 1986 من قبل النساء السوداوات المتعلمات، وكان الغرض منها مكافحة التحيز الجنسي والعنصرية والظلم الاجتماعي.

 

باحث وأكاديمي