التسامح في الفكر السياسي الديمقراطي

آراء 2021/09/06
...

 محمد صادق جراد 
 
شكل التطرف والتعصب الديني والأفكار المنحرفة خطرا على السلم العالمي، وتسبب في حروب اهلية وطائفية وقومية كثيرة أودت بحياة الأبرياء وتسببت بكوارث إنسانية لامست الضمير الإنساني، ودفع ثمنها الملايين من المدنيين العزل من النساء والاطفال والشيوخ, ولقد دفع العراق ضريبة الأفكار المتطرفة الدخيلة على المجتمع العراقي، لا سيما بعد 2003 كما حدث ذلك في دول أخرى الأمر الذي جعل العالم الحديث يعيد النظر في اهمية مفهوم التسامح، الذي أصبح يشكل مرتكزا مهما من مرتكزات الفكر السياسي الديمقراطي ومرتكزا مهمها للمجتمع المدني . 
ولقد ظهرت على مدى التاريخ العديد من المدارس الفكرية المتطرفة، التي مارست الاستبداد الفكري وساهمت في تأسيس ايدلوجيات خاصة تتصف بالشمولية والتعصب والنظر الى الامور من زاويتها الضيقة، والتي يبحث من خلالها أصحاب تلك المدارس عن تحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مفاهيم العدالة والتسامح والتعايش السلمي .
أصحاب هذه المدارس يعدّون انهم المالك الوحيد للحقيقة ويمارسون سياسة إلغاء الآخر اذ تستند سياستهم الى العنف في التعامل مع المعارضين لهم ولافكارهم ما يجعلنا امام حالة من سيادة عقلية التكفير ومصادرة حرية وآراء الاخرين.
ومن الجدير بالذكر ان هذا الفكر أصبح يشكل خطرا كبيرا على قيم ومفاهيم التعايش والتسامح في العالم والتي جاءت بها جميع الأديان السماوية بما فيها الدين الإسلامي الحنيف. وهنا علينا ان نعترف بان الديمقراطيات العربية والإسلامية الحديثة، لم تحقق تقدما ملموسا في تطبيق او ممارسة مفهوم التسامح بسبب طبيعة الأنظمة الحاكمة كما يعود ذلك الى طبيعة الفكر السياسي والديني السائد في دولنا العربية والذي يفتقر الى الحرية والديمقراطية واحترام الاخر، بسبب ضعف الوعي المجتمعي، إضافة الى تدخلات سياسية أسهمت في تحريف الدين والابتعاد عن ثوابته السمحاء.
ولهذا نقول باننا اذا ما أردنا ان نواجه العنف والتطرف وحماية المجتمع من الأفكار المنحرفة فعلينا اشاعة المفاهيم الانسانية والسماوية الحقة كالتسامح والتعايش السلمي ويجب ان نؤسس لثقافة العفو من خلال توعية مجتمعية يتحمل مسؤوليتها المثقف، والاعلام الوطني والمؤسسة التربوية وخطباء المساجد ليعيش الجميع في سلام، بعيدا عن التعصب والتطرف ومشاريع القتل والعنف.