قمة بغداد للتعاون والشراكة.. استثمار الفرص

آراء 2021/09/12
...

 محمد كريم الخاقاني
من أساسيات العمل في السياسة الخارجية هو تحقيق مصالح الدولة في المحيط الخارجي، وهو بالفعل ما تسعى اليه اي دولة، ولا يشذ العراق عن تلك القاعدة، فهو يطمح لتحقيق اهدافه ومصالحه، وواحدة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية هي الوسيلة الدبلوماسية وتسخيرها للأغراض التي من أجلها تعمل الدولة، لقد نجح العراق في تحويل التحديات الى فرص ممكنة وبوقت قياسي جداً، واستثمر علاقاته المتوازنة مع الجميع بسياسته المعهودة والتي عُرف بها وهي سياسة الحياد الإيجابي ونبذ المحاور، فنجح بينما فشل فيه الآخرون، فجمع الأضداد في بغداد بمختلف مصالحهم وتوجهاتهم في قمة بغداد للتعاون والشراكة في 28 - 8 - 2021 لتكون نقطة الشروع بتسويات جديدة شاملة لكل الأزمات التي تعج بها المنطقة.
 
إن انعقاد القمة في بغداد هو دليل على تفعيل الدور العراقي في المحيط الإقليمي وقدرته على إدارة الملفات بشكل حيادي، اي استثمار الإمكانات والقدرات العراقية في تعزيز وجوده وعودته الى وضعه الطبيعي فاعلاً مؤثراً في تفاعلات ومجريات الاوضاع في المنطقة، فلم يحدث سابقاً أن تمكنت دولة ما من جمع الفاعلين الإقليميين بغض النظر عن طبيعة العلاقات الثنائية التي تربط احداها بالأخرى، فقط استطاع العراق من تحقيق ذلك الامر الصعب لعدة أسباب منها؛ ما يتعلق بتوجهات ورؤى حكومته ونظامه السياسي، الذي أكد نقاط سياسته الخارجية القائمة على اساس عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية واحترام سيادتها وإقامة علاقات حسن جوار معها، فضلاً عن مشاركتها في اي فعاليات دولية تستهدف تعزيز الأمن والسلم الدوليين بعدما كان عنصراً مُهدداً لها في ما مضى، كل تلك العوامل اسهمت في انتهاج سياسة مغايرة لما كانت عليه بفضل تسخير كل طاقاتها من أجل تغيير الصورة السلبية المعروفة عنه سابقاً، لذلك استندت سياسة العراق الخارجية الى مبادئ واسس شكلت الإطار العام لحركتها في المجتمع الدولي من قبيل، احترام الشرعية الدولية وتنفيذ مقررات مجلس الأمن والعمل الجاد على إتباع الوسائل السلمية في فض الخلافات وتطوير علاقاته مع الدول وفقاً لما ورد بميثاق الأمم المتحدة، وكل هذا تم تضمينه في دستور العراق الدائم لعام 2005، ومن ثم اصبحت الرؤية العراقية الرسمية تعمل في إطار السعي لتحقيق المصلحة العراقية بعيداَ عن اي تجاذبات إقليمية تحدث هنا وهناك. 
لقد استطاعت قمة بغداد للتعاون والشراكة إذابة الجليد بين الأطراف المتنازعة، إذ عملت القمة على توفير الأجواء الإيجابية لكل الاطراف وانعكاسات ذلك في تحقيق لقاءات على هامش القمة، والحصول على دعم المجتمعين في بغداد للمشاريع الاقتصادية، عبر تقديم المزيد من الاستثمارات في المجالات كافة من أجل النهوض بواقع العملية التنموية فيه، فضلاً عن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وتقديم الزعم اللازم للعراق، والمساعدة الفاعلة في عمليات إعادة إعمار المناطق المحررة من عصابات داعش الإرهابية، وتفعيل مقررات مؤتمر الكويت في شباط 2018.
ان عقد قمة بغداد للتعاون والشراكة يعني نجاح الدبلوماسية العراقية في تسخير جهودها وإمكاناتها في سبيل تعزيز الدور القيادي للعراق في المحافل الدولية وهي بداية لمسيرة حافلة قادمة
 بالإنجازات.