جريمة الاعتداء على صور المرشحين

آراء 2021/09/13
...

 سلام مكي
لا يمكن تصور وجود عملية انتخابية، من دون وجود مخالفات وأفعال تطول المرشحين والناخبين أو التأثير في نتيجة الانتخابات، أو التعدي على الدعايات والصور التي تروج للمرشحين، في ظل التنافس الانتخابي غير القانوني، وتعمد الاساءة لمرشح عبر بث الدعايات والاخبار الكاذبة ومحاولة التأثير في خيارات الناخبين وتوجيههم بطرائق احتيالية بغية انتخاب مرشح دون غيره. ومن أبرز الأفعال التي جرّمها قانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2020 الاعتداء على صور المرشحين.
ذلك أن في هذا الفعل مصادرة لحق المرشح في الترويج عن نفسه، ومنعه من ممارسة حقه القانوني في الاعلان عن نفسه وطرح برامجه الانتخابية أمام الجمهور. لكن المادة 35 من القانون أعلاه لم تجرّم فعل الاعتداء على صور المرشحين بشكل مطلق، بل وضعت شروطا كي يتحقق الركن المادي للجريمة، فهي نصت على معاقبة كل من يعتدي على صور المرشحين أو برامجهم المنشورة عندما تكون موضوعة في الأماكن المخصصة فقط، بمعنى أن إتلاف صورة المرشح أو برنامجه الانتخابي، لا يعد جريمة إذا كان موضوعا في غير المكان المخصص له، لأن وضع الصور في الأماكن غير المخصصة، أصلا هو جريمة وعقوبتها حسب المادة 34 من القانون بالحبس مدة لا تقل عن شهر أو بغرامة لا تزيد على مليون دينار. وفي ظل تزايد حالات تمزيق صور المرشحين وإتلاف ما يتعلق ببرامجهم ودعاياتهم الانتخابية، أصدر مجلس القضاء الأعلى مؤخرا توجيها إلى محاكم التحقيق لغرض محاسبة كل من يعتدي على صور المرشحين أو برامجهم الانتخابية، وهذا التوجيه يأتي ضمن إسهامات السلطة القضائية في توفير أبسط مستلزمات العملية الانتخابية وحماية المرشحين من التعدي على حقهم القانوني والدستوري في الوصول إلى الناخبين بالوسائل القانونية. 
وبمقابل توفير الحماية القانونية للمرشحين، لا بد أيضا من تفعيل المادة 34 التي وضعت عقوبات لمن يضع صورة المرشح في غير الأماكن المخصصة لوضعها، ليس معاقبة واضع تلك الصور فقط، بل ومعاقبة المرشح المخالف، لأن الأماكن غير المخصصة لوضع صورهم، حتما هي أماكن عامة، يسهم وضع الصور فيها بضرر على المال العام، وأيضا يؤدي إلى تشويه معالم المدن وإتلاف تلك الأماكن، لما تسببه تلك الصور وإطاراتها الحديدية في إحداث أضرار بالمكان. والسؤال هنا يتبادر إلى الذهن: ماذا لو قام مواطن بتمزيق صور وبرامج انتخابية لم تكن موضوعة في الأماكن المخصصة لها؟ هل يعد ذلك الفعل جريمة؟ إن مراقبة دعايات المرشحين، يجب أن تسند إلى جهة مختصة، تتولى الرقابة والاشراف على العملية الانتخابية، وخصوصا المدة التي تسبق الانتخابات ومنها الدعايات الانتخابية التي يقوم بها المرشحون، إذ إن ارتكاب المخالفات أمر وارد جدا في ظل الوضع الذي نشهده والتنافس الانتخابي وكثرة المرشحين وطبيعة قانون الانتخابات الجديد، الذي جعل من المحافظة الواحدة مجموعة من الدوائر الانتخابية، ما يجعل من فوز المرشح ضمن دائرته أمرا بالغ الصعوبة مع وجود مرشحين كثر يتنافسون معه على مقعد واحد.