الظواهر المناخيَّة وخطرها على العالم

آراء 2021/09/15
...

   إياد مهدي عباس
كان المناخ ولا يزال العامل الأساسي في نشوء الحضارات وازدهارها على امتداد التاريخ، وكان ايضاً السبب في زوالها نتيجة تقلباته المفاجئة، وهذا ما حصل مع الحضارة الأكدية في بلاد وادي الرافدين، حيث كان سببا في انهيارها لتحول المناخ فيها الى حالة الجفاف ولمدة طويلة من الزمن. وفي وقتنا الحاضر يشهد العالم تغيّراً واضحاً في الظواهر المناخية السائدة، ما شكل ذلك خطراً حقيقياً على كثير من الدول، خصوصاً تلك الدول التي شهدت ارتفاعاً في معدلات درجات الحرارة وانتشار ظاهرة التصحر فيها.
فقد شهد عامنا هذا تقلبات مناخية قاسية حدثت في شتى انحاء العالم، كالامطار الغزيرة وما نتج عنها من فيضانات مدمرة وارتفاع في درجات الحرارة، وحرائق واسعة للغابات، فكانت هذه بمثابة ناقوس خطر ينذر بحدوث دورات مناخية جديدة تستدعي الوقوف عندها والاستعداد لها والبحث في 
اسبابها.
إن استمرار النشاط البشري الهائل الذي رافق الثورة الصناعية وانشاء المصانع الكبيرة، التي تعتمد الوقود الاحفوري كطاقة جديدة في تشغيل المكائن والالات الصناعية كان له الاثر البالغ على الغلاف الغازي والنظام البيئي لكوكب الارض، بسبب الانبعاث الكثيف لغاز ثاني اوكسيد الكاربون وغاز الميثان والغازات الضارة الاخرى، التي ادت الى حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري وتأكل طبقة الاوزون التي هي بمثابة المظلة الواقية لكوكب الارض من الاشعة الفوق البنفسجية 
القاتلة.
ان اطلاق العوادم من المصانع والآلات في الفضاء بشكل مستمر وبكميات كبيرة مع زوال مساحات شاسعة من الغابات، بسبب الحرائق والقطع الجائر شكل ذلك عاملاً مباشرا في ظهور انماط مناخية خارجة عن المسارات الطبيعية للدورات المناخية المعروفة والمشخصة من قبل علماء المناخ، والتي تُعرف بدورات (ميلانكوفتش) المناخية التي تحدث بشكل طبيعي بعد مرور عشرات الآلاف من السنين بسب تغير بسيط في زاوية ميل محور الارض اثناء دورانها حول الشمس. 
وعلى الرغم من الجهود الدولية المبذولة وانعقاد المؤتمرات العالمية للحد من تأثير النشاط الصناعي على الظواهر المناخية، الا أن الخطر ما زال كبيراً وقائماً، بسبب اتساع النشاط الصناعي وايضاً محاولة بعض الدول المتقدمة السيطرة على الظواهر المناخية والتحكم بها لأغراض عسكرية وسياسية، كما فعلت الولايات المتحدة الاميركية ابان احتلالها لفيتنام، وقيامها بالاستمطار الصناعي لأغراض عسكرية، وكذلك بناؤها مشروع هارب للابحاث المناخية العسكرية في منطقة القطب 
الشمالي.
إنَّ المتغيرات المناخية الجديدة اصبحت تشكل تحديا كبيرا لدول العالم المختلفة وكذلك لبلدنا العراق، الذي شهد هذا العام صيفا ساخناً وارتفاعاً واضحاً في معدلات درجات الحرارة، ما يتطلب ذلك الجدية في اخذ الاحتياطات الوقائية اللازمة كالمحافظة على الموارد المائية من الهدر والضياع ومحاولة زيادة المساحات الخضراء، ونشر ثقافة الحفاظ على البيئة من التلوث، وان يكون للمواطن دور فعال من خلال غرس الاشجار والمساهمة الايجابية في الحد من الاثار المدمرة لظاهرة التغيرات المناخية 
الخطيرة.