العراقُ.. مالئ الدنيا وشاغل الناس

آراء 2021/09/15
...

  عباس الصباغ
 
 كانت زيارة قداسة البابا فرانسيس التاريخية الى العراق فاتحة خير لزيارات مهمة اخرى ولرد الاعتبار للعراق العريق، فمن خلال متابعاتي الشخصية والمهنية لمجريات قمة بغداد (التعاون والشراكة)، التي عُقدت مؤخرا بالاشتراك مع دول جوار العراق زائدا فرنسا اللاعب الدولي المهم، كنت اترنّم برائية العلامة مصطفى جمال الدين :
 بغداد ما اشتبكت عليكِ الاعصرُ 
 إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ
والاشتباك الاعصر على بغداد قلب الشرق الاوسط النابض، بغداد التي كانت تئّن قبل سنين مضت من ضراوة ووحشية العمليات الارهابية لعصابات القاعدة القروسطية المتوحشة، التي أحالت بغداد الى ارض محروقة واستهدفت الحرث والنسل، وسرعان ما انبثقت داعش الاكثر توحشّا وبربرية من رحم  القاعدة والتي استحلّت نحو ثلث مساحة العراق وتسبّبت في استشهاد وتهجير الآلاف من المواطنين، فضلا عن ارتكابها جرائم خطيرة ضد الانسانية كالتي اقترفتها ضد المكون الايزيدي وتدميرها للبنى التحتية والشواخص المعمارية والحضرية، لكن العراقيين بفضل تماسكهم وتلاحمهم الوطني تمكنوا من طرد هذه العصابات وتطهير البلاد من رجسها المستطير.
كثيرة هي الايام الصعبة التي اشتبكت على بغداد من جميع النواحي والكثير من النوازل التي ألمّت بها خرج منها العراق كالعنقاء من الرماد، وسرعان ما استعاد نشاطه والقه وديناميكيته، عابرا بكل ثقة المطبات الكثيرة والعصيّ الغليظة، التي وضعت في طريق تقدّمه الحضاري التي بدأت من فجر التاريخ، وقد آن الاوان ليلتقط العراق انفاسه ويضع نفسه على السكة الصحيحة كمرتكز ومحور وبؤرة اهتمام اقليمي وعالمي ستراتيجي. فالعراق هو راس المؤشر العالمي في بوصلة الاهتمام، ليكون مالئ الدنيا وشاغل الناس، ولا بد من أن يأخذ دوره واستحقاقه التاريخي في فضائه الحيوي والجيبولوتيكي، والذي يليق بمكانته الجيوسياسية التي طالما أُبعد عنها.
 فجاءت قمة بغداد الناجحة بكل المقاييس الدولتية والحكوماتية، لتقوم بهذا المسعى الذي هو استحقاق عراقي تاريخي ولتهيئة الظروف لعراق آمن ومستقرّ والذي سيكون مرتكزا لاستقرار المنطقة والعالم ككل . 
الآمال التي عُقدت على هذه القمة كبيرة فمن المؤمّل ان يدخل العراق الى بوابة اعادة الاعمار، من خلال دخول شركات رصينة ورؤوس اموال عظيمة وينفتح باب الاستثمار الخارجي انفتاحا حقيقيا مع تهيئة الارضية القانونية لذلك، فلا إعمار من دون استثمار، وهذا سيؤدي إلى توسيع تعاون تجاري مع الجميع، وبالتالي سيكون ممراً جيداً وآمناً لعلاقات تجارية مع كل دول العالم، ولا يخفى عن الجميع ان مصلحة العراق العليا تقتضي اقامة طاولة حوار إقليمية ودولية هدفها تصفير مشكلات المنطقة المستعصية وبداية مرحلة جديدة للحوار الهادئ والعقلاني مع الجميع انطلاقا من بغداد.