التوازنات السياسية والهدف الحقيقي

آراء 2021/09/17
...

 ماجدعبدالحميد الحمداني 
 
- بعد كل انتخابات تبدأ {لعبة} التحالفات لأجل تشكيل الكتلة الأكبر، وهذا أمر طبيعي معروف لكن الضبابية تبدأ عند توزيع الحقائب الوزارية بعد تخطي مرحلة الاتفاق على الاشخاص، الذين سيشغلون مناصب الرئاسات الثلاث وهنا تبرز الأهداف وتتضح النوايا الحقيقية للجميع.
لا سيما في عملية اختيار الاشخاص للحقائب الوزارية فان تمت على اساس سياسي- مهني فلا ضير في ذلك وان تمت على معيار سياسي فقط دون المعيار المهني، إختلت عملية الاختيار وانحرفت عن الهدف الحقيقي الأسمى الذي من أجله صرفت مليارات الدنانير، فضلاً عن التسبب باحباط آمال الملايين من العراقيين الذين شاركوا في العملية الانتخابية. وهذا الحال ينطبق بالتأكيد على الانتخابات السابقة وكذلك المقبلة. وهذا جانب، والجانب الآخر يفترض بالكتل السياسية الكبيرة والصغيرة، لا سيما من بيدها حصة الاسد من القرار السياسي أن تؤمن بالتغييرات وهي نتيجة حتمية لكل عملية سياسية، ومن يريد أن يصحح العملية السياسية فعليًا عليه التكيف مع تلك {الديناميكية} ان اراد التصالح مع الجماهير، لأن تلك الجماهير وإن إختلف ممثلوها لها مشتركات اساسية وان تباينت نسب تلك المشتركات، وهذا برأيي المتواضع هو الهدف الأول في ما يسمى بالتوازنات السياسية الداخلية {تحديدًا} إن صح
 التعبير. أما اذا اردنا كجماهير الوصول إلى قناعات منطقية للتوازنات السياسية في ما بين المكونات، فالأمر يختلف كثيراً لأنه حسب رؤيتي المتواضعة ينقسم لقسمين: الأول يتعلق بما تحققه الكتلة او الحزب الفلاني داخل تلك الكتل وهو استحقاق رقمي واضح ومعمول به في النظم الديمقراطية عمومًا. 
 والثاني: هوما يحتمل التأويلات وكثير من الاجتهادات هو التوازن المكوني على الأرض بغض النظر عن الرؤية السياسية السائدة، وهذا يتطلب دراسة عميقة لواقع المجتمع العراقي من جميع الجوانب، بما فيها الجوانب النفسية والاحصائية وتلك الدراسة يفترض أن توكل لمتخصصين، لهم باع طويل في البحوث سواء الانسانية والمجتمعية أو العلمية، على أن يأخذ بتوصيات تلك الدراسات ولا تكون شكلية فقط، والغاية من ذلك كله هو لاحترام الواقع المجتمعي العراقي ولمعرفة آرائه وتوجهاته ولمعرفة أيضًا نوع التغيير المطلوب الذي وصفناه بالمنطقي والطبيعي، والذي تريده الجماهير سواء كان تغييرا في بعض فقرات الدستور او تغييرا في طريقة واسلوب تشكيل الحكومات.. الخ. 
- كل ذلك باختصار يجب أن يتزامن بشكل ضمني مع خطوات إصلاحية سريعة ومدروسة للأداء السياسي الحالي والسابق وبموضوعية تامة، فالجانبان ضروريان لتقويم العملية السياسية، إذا افترضنا أننا متفائلون بها من اجل ردم الفجوات التي اتسعت كثيرا بين الأحزاب السياسية من جهة والجماهير من جهةٍ اخرى. وهذه القضية أصبحت تحدياً خطراً يواجه العملية السياسية نفسها، لأن من طبيعية البلدان المستقرة التي تتجه بثبات نحو التنمية الاقتصادية والبشرية أن تواكب المتغييرات الداخلية بالدرجة الأولى وبشكل تدريجي وليس ببطء، لأجل الحفاظ على خصوصية المجتمع واهدافه من قبل الطبقة السياسية، لأنه واقع لا يمكن تجاهله أبدًا، ومن ثم سيرسخ مفهوم الدولة المتطورة وعندها ستكون اي حكومة مقبلة هي وليد منسجم مع تلك الأسس، التي لاغنى عنها في كل دول العالم التي يسودها الانسجام والوئام الى حد ما مع شعوبها.