الدبلوماسيَّة العراقيَّة وخطى التغيير

آراء 2021/09/17
...

 علي الخفاجي
وفقاً لمبادئ السياسة الحديثة، أصبح تطور البلدان يقاس بمستوى التمثيل الدبلوماسي الخارجي وقوة العلاقات الخارجية ومدى تأثير هذه البلدان بصناعة القرار، فهي تسعى «الدبلوماسية» وفق المفهوم الحديث الى البحث مع المجتمع الدولي عن المصالح المتبادلة للبلدان التي تمثلها، وكما تعرف بفن ادارة العلاقات بين الأشخاص الدوليين، وهي بذلك تعد حاجة ضرورية لانشاء علاقات دولية مبنية على أسـس التعاون
 
عملت الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام السابق على رسم سياسة الانفتاح على الجميع، وسعت لإظهار العراق بموقف البلد المحايد الساعي الى تهدئة الأوضاع بشكلٍ أو بآخر، وكما سعت على جمع الأطراف المتنازعة والعمل على إيجاد حلول ترضي جميع الأطراف شرط عدم المساس بسيادة وأمن هذه الدول.
 وحسنا فعلت الحكومة من قيامها بثورة حراك دبلوماسي على أعلى المستويات وجعلت من البلدان المتخاصمة الى بلدان متحاورة، وحولت العراق من جسر لعبور الأطراف المترامية الى مرسى ومستقر لهذه الدول، وهي بذلك نجحت في إعادة العراق الى دوره المحوري، اليوم وبفضل سياسة العراق الخارجية أصبحت هذه الدول تبحث عن وسائل للملمة الأمور، بعيداً عن الخطاب المتشنج، الارتدادات الايجابية، إن صحت تسميتها لقمة بغداد وقبلها الكثير من اللقاءات والحوارات، التي جرت على أرض العراق ها قد قطفت ثمارها من خلال إعادة العلاقات بين دولٍ كانت وحتى وقتٍ قريب، تعتمد منهجية الاختلاف المتباين، فالمتابع للسياسة العراقية الخارجية يرى وبشكل جلي مدى الإرتباط الوثيق والتعاون الكبير بين الرئاسات الثلاث لانجاح السياسة الخارجية من خلال انفتاح العراق على محيطه 
الخارجي.
ونتيجة لهذا النجاح أصبح العراق راعياً وبشكل مستمر للمفاوضات والاتفاقيات على مختلف الأصعدة، سعياً منه لترطيب الأجواء المشحونة، فبعد ثلاث جولات من المفاوضات السعودية ـ 
الايرانية التي سبق وأن عقدت في العراق، هاهو البلد وعلى لسان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مقبل على عدد من القمم والمؤتمرات الدولية لمناقشة الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة. 
الدور الايجابي الذي لعبهُ العراق من خلال سعيه لتقارب وجهات النظر نقلهُ من دور الوسيط الى لاعب كبير في اللعبة السياسية الاقليمية والدولية، وايماناً منه بأن دوره الإيجابي نابع من حرصه على أن المنظومة العربية والاقليمية هي منظومة غير قابلة للتفكيك ويجب أن تبقى هكذا حفاظاً على أمنها القومي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي من الأمور المهمة التي ستسهم وبشكلٍ كبير على زيادة التمثيل الدبلوماسي في البلد، فاذا ما توافر هذان الأمران يجعلان من العراق مفاوضاً كبيراً ورقماً صعباً في المعادلة الدولية، فوحدة القرار السياسي تعد أساس القوة للدولة في تنفيذ السياسة الخارجية، وبالتالي الدفاع عن المصالح الوطنية.