تعب ميقاتي

آراء 2021/09/17
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
الأمل كبير أن تتمكن الحكومة اللبنانية الجديدة من معالجة الاشكاليات السياسية والاقتصادية، على اثر الضغوط والتدخلات التي مارستها وتمارسها ارادات دولية واقليمية على هذا البلد الصابر، والذي يدفع شعبه ثمن الصمود أمام ارادة دولة الاحتلال الصهيوني وحلفائها في المنطقة والعالم.
ومن المؤكد أن مهمة حكومة نجيب ميقاتي لن تكون سهلة ازاء حجم التدخلات الخارجية، التي ستحاول وضع العصي في عجلة الحكومة التي ستسعى جاهدة الى معالجة الملفات الملحة والمتعلقة بالشأن الاقتصادي والخدمي، والتي استخدمت لدق اسفين الفرقة بين أبناء الشعب اللبناني بدعم من دولة الاحتلال وأطراف دولية واقليمية، بهدف زيادة الضغط على حزب الله داخليا وخارجيا وكسر شوكة المقاومة اللبنانية. 
وفي مستهل أول اجتماع للحكومة الجديدة قال ميقاتي «ينتظرنا الكثير من العمل، والكثير من التعب» وفي هذا القول خلاصة ما ستواجهه الحكومة اللبنانية، اذ ترتبط الكثير من الملفات وفي مقدمتها ملف التجاذبات القائم على التخندق الطائفي، والملفات الاقتصادية والمالية والخدمية التي وظفتها دولة الاحتلال وحلفاؤها في المنطقة لاثارة سخط الشارع اللبناني وزيادة التوتر نكاية بالمقاومة اللبنانية، وهذه الملفات ما زالت متضخمة بالتدخلات الخارجية والارادات الدولية التي تتحكم بها، اذ ما زال ملف العجز المالي والمديونية مرهون بارادة صندوق النقد الدولي وشروطه، والتي غالبا ما تأتي على خلاف ارادة ومصالح الدولة المدينة، وما زال عجز القطاع المصرفي قائما على انسحاب رساميل المصارف الأجنبية التي تتحكم بالجزء الأكبر من مساحة التداول المصرفي، وتشكل كتلة نقدية كبيرة من حجم الاحتياطي النقدي في البنك المركزي اللبناني، وبالتالي عدم قدرة المركزي اللبناني على معالجة انحدار قيمة الليرة اللبنانية بعد انسحاب هذه الكتلة، ما جعل انخفاض قيمة العملة المحلية سلاحا لتحريك الشارع وخلق حالة التمرد، بجانب تغوّل سلطة رأس المال في ادارة شؤون الحياة اللبنانية ودورها في اشاعة الفساد وتكريس سلطة اللادولة، جراء خصخصة أغلب وظائف الدولة ودخول رأس المال الأجنبي في القطاعات ذات المساس بحياة الناس، ما جعل المقاولين المحليين تابعين لارادة سلطة رأس المال الأجنبي، التي ساهمت أيضا في ضرب قطاع السياحة، وهو القطاع الأبرز في مشهد الاقتصاد الكلي. وعلى هذا فان التعب الذي ألمح اليه ميقاتي تعب مترقب في التعاطي مع هذه الاشكاليات، وليس له من حل سوى توحيد كلمة اللبنانيين، والا فانه سيشتد كلما نجحت حكومة ما في الوصول الى الحلول.