استرداد الأموال والحاجة إلى اتفاقيات

آراء 2021/09/21
...

  سلام مكي
يمثل المؤتمر الذي عقد مؤخرا في بغداد بشأن استرداد الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج، خطوة نحو تحريك ملف شائك ومعقد ومهم، بقي لسنوات طويلة طي النسيان. 
 
المؤتمر الذي حضرته شخصيات عربية، يمكنه أن يحقق نتائج طيبة، لكن بتوفر شروط قانونية وسياسية له. أهم تلك الشروط هي وجود اتفاقيات ثنائية مع الدول التي يكثر فيها تواجد الأموال المهربة والمنهوبة، اتفاقيات يتم بموجبها استرداد تلك الأموال، عبر صيغ قانونية تضمن تطبيقها في تلك الدول، وتفعيل الاتفاقيات الدولية والعربية الخاصة بمكافحة الفساد، واستثمار جميع النصوص القانونية والمواثيق الدولية والقانون الدولي، بغية وضع اليد على تلك الأموال ومن ثم استردادها. الجانب الآخر والأهم هو ضمان توقف تهريب تلك الأموال، إذ من غير الممكن أن يتم البحث عن مصير الأموال المهربة، وعمليات التهريب مستمرة! لا بد من تقييد حركة الفاسدين، ومنعهم من نقل الأموال إلى خارج البلد، عبر الأساليب المعروفة والمنافذ التي يعرفها الجميع. الأمر الآخر هو الانتهاء من استرداد الأموال الموجودة داخل البلد، سواء كانت أموالا منقولة أو غير منقولة، وهذا يتم عبر التحرك الواسع والسريع نحو الكشف عن الذمم المالية للمسؤولين والمشمولين بالكشف عن الذمة المالية، وتتبع مصادر الأموال التي تضخمت بشكل مفاجئ، ووضع العقوبات الصارمة بحق من يثبت تضخم أمواله. وحين الانتهاء من إيقاف النهب المستمر في المال العام واسترداد الأموال المنهوبة والتي بقيت داخل البلد، وتم تسجيلها بأسماء أقارب المسؤولين وزوجاتهم وأبنائهم، يتم الذهاب إلى الأموال المنقولة خارج البلد. والتعامل مع تلك الأموال يجب ان يكون ضمن الأطر القانونية التي يعترف بها الطرف الآخر، أي الدول التي تتواجد فيها تلك الأموال. 
وهذا الأمر كما قلنا يحتاج إلى اتفاقيات ثنائية وجماعية، وهو أمر ليس صعبا، لكن يحتاج إلى جهود قضائية وسياسية كبيرة، وإسناد الأمر إلى محامين دوليين وإلى شركات متخصصة. 
ومقابل الحجم الهائل من الأموال المنهوبة والمسروقة والمهربة إلى الخارج، نقرأ تصريحا لمدير دائرة عام دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة يحدث فيه عن إنجازات دائرته وهي استرداد مبلغ قدره 65 ألف دولار من الأردن و12 مليون يورو من أسبانيا و26 مليون دولار من ألمانيا. ودائرة الاسترداد هي إحدى دوائر هيئة النزاهة، التي نص عليها قانون الهيئة رقم 30 لسنة 2011 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 2019 ومهمتها جمع المعلومات، التي تخص المتهمين الهاربين خارج العراق واسترداد أموال الفساد المهربة بالتعاون مع الجهات المعنية، وتضم مديريتين الأولى لاسترداد الأموال والثانية لاسترداد المتهمين. وهذا يعني أن مسؤولية الاسترداد لا تقع على عاتق هيئة النزاهة وحدها، بل هي مسؤولية جميع مؤسسات الدولة، سواء وزارة الخارجية أو وزارة العدل أو أي جهة معنية بتطبيق القانون.