المسير الى كربلاء

آراء 2021/09/21
...

  حسين الذكر
كل عام تنطلق الملايين من المسلمين في مسيرة راجلة هي الاعمق والاطول بالتاريخ، يهبون بها من كل صوب وحدب يقودهم تيار عرمرم من العواطف الجياشة
 
من مختلف عواصم ومدن المعمورة العامرة بحب الإسلام ورسول الله وآل بيته (ع)، وكذا الاحرار تواقون للحرية وبناء الأوطان، متجهين صوب قبلة الثورة وشهيد الحرية، حيث مرقد الامام الحسين (عليه السلام)، 
مسيرة مجلجلة بالحب والقلوب العامرة، لا يريدون من حطام الدنيا الا الإحساس بنشوة الولاء العاصية على الأعداء، في ما نالها شهيد مجندل في عمق الصحراء مع ثلة من اهل بيته وعياله واصحابه هم خلاصة ما حمل مشعل النور المحمدي، ضاربين أنموذجية مثل في التضحية والفداء والصبر والإصرار على المنازلة الشهيرة بين الحق والباطل، الذي لا بد من صده والوقوف ضده وبوجهه.
في هذه المواكب السيارة ترفع الكثير من الشعارات وتذرف الدموع، وتعتصر الآهات والتعابير الجياشة لحب الامام والولاء والبيعة والثبات، في ما يسمى (بأربعينية كربلاء)، التي تعد واحدة من معجزات العالم ومعجزات الرب الواقعة امام الأعين، حيث تحشد هذه الملايين بلا اتفاق مسبق على طريق طويل ومساحات شاسعة تهفو معها القلوب ولاء وحب وشوق، للقاء امامها وزيارة مرقده والتعبير عما يختلجها كل على طريقته وبشاكلته وما في داخله وغايته. 
فالملايين لن تحيد عن شعار البحث عن الحرية في كل زمكان وهذا مكان ومناسبة أبي الحرية والإباء.
هذه السفرة الممتدة آلاف الكيلومترات بصورة معبرة ومعتبرة حد الدهشة العالمية منقطع النظير، غير المسبوقة بأي بلد اخر التي لم تنقطع يوم ما واحيانا تتم بشكل رمزي على أسنة الحراب، حري بتلك الروح والشجاعة والإصرار على التعلم والاقتداء بالامام الحسين في ضرورة بناء مؤسسات الدولة، والعمل على توعية الناس أفرادا ومؤسسات، وإشاعة ثقافة البناء والاحساس بالمواطنة وتعلم ثقافة أسست على التقوى المتمثل في بناء الذات والوطن، كما أرادها الله لإشاعة العدل وحماية حقوق الناس قبل كل شيء، فلم يخرج الحسين أشرا ولا بطرا، بل كان شهيد الحرية ومعلم الثورات ضد الظلم، كما لم تخرج الملايين وتترك ديارها وأهليها لاجل ذرف دمعة او تعبير محبة فحسب، فتلك بديهة متحققة بالاصلاب ولن تحيد، لكن الأهم أن تكون كربلاء معلما ودرسا إسلامية محمديا علويا فاطميا، في كيفية الحياة الشريفة والمواطن الصالحة حتى نلقى الله وهو أرحم الراحمين.