الانتخابات.. أفقٌ للحل

آراء 2021/09/25
...

 عصام كاظم جري 
الانتخابات ظاهرة حيوية، تضمن الثقة للناخبين من جهة، وتضمن حقوقهم التشريعية من الضياع والتشتت والسرقات والعجز والشلل من جهة أخرى، ويتجلى هذا الضمان الحيوي قريبا، أي بعد إعلان النتائج، وستؤكد تلك النتائج نجاحاتها في الأفق أو فشلها في إدارة شؤؤن البلد والناس. والانتخابات بكل تأكيد حق من حقوق الشعوب وتصب بمصالح الناس في كل ربوع الأرض وبكفالة القانون والدستور، اسوة ببقية الحقوق الاخرى، كالتعبير عن الرأي، كالعمل، كالتعليم، كالعلاج.. وكبقية الحقوق الاخرى.
وبالانتخابات يدرك الناخب بأنه جزء من القرار، جزء من التغيير، جزء من الحل، وجزء من المسؤولية التي ستقع على عاتقه، جزء من تشكيل الحكومة، لا سيما حين يمارس حقوقه بكل كرامة وحرية واعتزاز وسمو وفسح المجال له لاختيار السلطة التشريعية التي 
تمثله.
 كانت وما زالت الانتخابات هي العملية الرسمية والقراءة لاختيار الشخص الذي يمثل الاخرين، شخص يتولى منصبا رسميا حكوميا، وهي واحدة من الديمقراطيات الحديثة والعصرية، لملء مقاعد السلطة التشريعية بموضوعية تامة وشفافية واضحة وبديمقراطية جلية.
ان معظم دول العالم تقيم الانتخابات، وتمارس هذه الظاهرة الديمقراطية بفعل انتخابي يليق بشعوبها، إذ باتت ممارسة الانتخابات اليوم مثلها مثل أي ممارسة أخرى يمارسها الإنسان في إعادة إنتاج افكاره بحرية تامة ليعيشها في أفق واسع وشاسع، بل أصبحت كالرأي، كحرية التعبير، كحرية الهتاف، كحرية التظاهر ضد كل ما هو غير مقبول وغير منطقي، ولا يخفى على أحد بان كل شيء غير منطقي يثير الشك والتساؤل والقلق والخوف من 
القادم.
وصحيح جدا ان الشعارات الانتخابية حق للجميع ولا نختلف في ذلك الأمر، ولكن لا يستحسن ان تكون تلك الشعارات معركة من أجل ترتيب الاوراق وتدوير الاسماء والوجوه لا أكثر.
وقد عدّها الكثير من الناخبين فقاعة انتخابية، إذ المشروع الوطني وسكة الاصلاح ضدان لا يجتمعان مع الشعارات والمزايدات الساذجة. 
نحن - مقبلون - على ممارسة ديمقراطية جديدة وحديثة على حياة العراقيين، ممارسة دوّرية ومهمة جدا في تعزيز القيمة الانسانية والاجتماعية والامنية للجميع من دون اشتراطات، وفي النهاية ممكن ان تحقق الطموح والتطلع والحلول للجميع، ولكل الاطراف، دون تمييز، دون لون، دون جهة على حساب جهة اخرى.
بهذا الوصف تعد الانتخابات أفقا للحل، أفقا جديدا، ولا يخفى على أحد بأن الامم والشعوب تتطلع دوما إلى واقع أفضل والى حياة مثالية من خلال الانتخابات، حياة لا ينقصها السلام ولا تستهلكها الشعارات والحفر، والحروب وغيرها ولا يتحقق هذا السلام وتلك المثالية بغياب المضمون الديمقراطي الحقيقي، وبغياب هذا المضمون يتسع التصدع ويصبح الامر سباقا من أجل الغنائم والتخندق والزعامة والهيمنة، إن الشعب وبكل عناوينه بعد اليوم لن يغض الطرف عن الدعوة إلى حياة جديدة رغيدة وناعمة حياة آمنة ومستتبة، الشعب بعد اليوم لن يغض الطرف عن اختيار أشخاص جدد، ودماء جديدة، وجوه واسماء لن تعيد انتاج الازمات القديمة، نعم وبكل تأكيد يتطلع هذا الشعب من خلال الانتخابات إلى إلغاء التسويف، لشراء الوقت وضياعه من جديد في دهاليز وأروقة المصالح الحزبية وغيرها، ولا خلاف في الطموح لبناء إنسان جديد، إنسان يتطلع لمستقبل أفضل، ولا اعتراض على ذلك ابدا، الشعب اليوم لن يقدّم ضمانات: (بترك الحبل على الغارب) كما جاء في المثل، ولن يسكت بعد اليوم عن الفشل في تحقيق حياة أسمى، ولعل ثورة تشرين العراق غيّرت شيئا من المشهد السياسي، مشهد الشلل الذي أصاب جسد العراق، ودعت تلك الثورة إلى الإصلاح، والإصلاح الانتخابي أحد مطالبها المهمة جدا، والاصلاح الانتخابي: هو ليس ذلك التغيير في النظام الانتخابي لتحسين طريقة الانتخاب، بل هو إصلاح طريقة التعبير في الرغبة الحقيقة للتغيير في نتائج الانتخابات أولا واخيرا من دون تهديد أو وعيد أو سلاح منفلت أو تزوير أو التفاف عن النتائج.
 
السؤال الأكثر أهمية: 
هل الاصلاح الانتخابي يتحقق في سلامة العاملين بالانتخابات وفي سلامة الناخبين فقط؟ وهل يتوقف هذا الإصلاح على تدابير وحلول لمكافحة الرشوة ومكافحة التهديد والاكراه في زمن الدعاية والشعارات الانتخابية فقط؟ وهل يتوقف على فحص ومراقبة المرشحين والاحزاب السياسية وما إلى ذلك في موعد الانتخابات وما قبله؟ لسنا بحاجة إلى إعادة تجديد وتحديث ادارة العملية الانتخابية فحسب، من سجلات الناخبين، ومن إعلام، ومن تصويت، وفرز الاصوات والنتائج ومتابعة مسؤول الطابور ومدير المحطة والمراقبة، بل نحن بحاجة ماسة إلى لملمة شمل الإنسان العراقي مع نفسه مع ذاته من الداخل، بغية أن يعزز الثقة بوجوده وكيانه وقيمته السامية الارفع، إلانسان اليوم أصبح أكثر قدرة وقوة من قبل على كشف الأوراق، واخيرا المقاعد البرلمانية وزعامة الكتل والتيارات ليست أكثر أهمية من تحقيق طموح ورغبات وتطلعات 
الناخب.