مشاركة الشباب في بناء هوية ثقافيَّة وطنيَّة

آراء 2021/09/28
...

  د.عبد الواحد مشعل
 
نظراً لحساسية المرحلة الحضارية التي يمر بها الشباب العراقي في المرحلة الحالية، وحاجة المجتمع الى شباب واعٍ قادر على صياغة هوية ثقافية عراقية جامعة تتصاعد فيها مسؤولية النخبة المثقفة منهم في تبني قضايا المجتمع المختلفة، ولعل أبرزها قضية التنمية البشرية التي يحتاجها مجتمعنا اليوم أكثر من أي وقت مضى، لذا يتطلب من الشباب الباحثين في الجامعات ومراكز الأبحاث المختلفة تقديم الدراسات والأبحاث، التي تهتم بدور الشباب في بناء المجتمع المتحضر، فضلا عن الاستفادة من طاقاتهم الخلاقة في بناء الإنسان المنتج بإشغال أوقاتهم، بالتعامل مع التكنولوجيا الحديثة بشكل ايجابي، وتخليصهم من الاستخدام السلبي لها، وتحويل اهتمامهم نحو المفيد الذي يخدم قضايا المجتمع الأساسية.
وهذا يأتي عندما تنجح الفئة المثقفة منهم في بلورة اتجاه ثقافي يخدم الهوية الوطنية، ويرسم قواعد سلوك اجتماعي ايجابي، بساعد الشباب على مواكبة التطورات الحضارية الجارية في العالم بطريقة تعمل على تأكيد هويتهم الوطنية، وترشيد الوعي الثقافي لديها للقيام بأدوارهم الثقافية والحضارية المطلوبة، حتى يتقدم البلد في نجاح التجربة الديمقراطية من اجل إسعاد الإنسان وتقدمه، وهو أمر يفرض على النخبة المثقفة الشبابية باختلاف توجهاتها السعي الى تنمية الوعي الاجتماعي بقضايا المجتمع المختلفة، لا سيما في زمن يمكن تسميته بالتنميط العولمي، الذي يسعى الى قولبة الشباب على وفق التصورات الثقافية الوافدة التي تتبنى العولمة، ما يهدد هويتها الوطنية، وبالتالي يؤدي الى انسلاخها من واقعها الاجتماعي والثقافي ويعرقل دورها التنموي النابع من حضارتها وخصوصيتها الثقافية، ما يجعل بعضهم يقع تحت تأثير رد الفعل المضاد، الذي يجعلها عند عندئذ فريسة أيدلوجيات متطرفة، تعتقد أنها ستسترد هويتها الدينية أو الوطنية، الأمر الذي يعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي، وانقسامه الى تيارات متناقضة ومتصارعة، وهنا تزداد النخبة الشبابية المثقفة أهمية في التصدي لحالات الانقسام هذه، وأول الإجراءات هو تبني مشروع نهضوي شبابي يأخذ مبادئه وقيمه من تراث وتاريخ مجتمعنا العراقي الأصيل القائم على التعايش المشترك، ما يجعل الباب مفتوحا لبلورة هوية عراقية أصيلة، تجعل الشباب أكثر قربا من واقعهم الاجتماعي بطريقة حضارية متجددة تخرجهم من التنميط الثقافي التقليدي، وتجعلهم أكثر تفاعلا مع التطورات الثقافية والحضارية الجارية في عالمنا المعاصر بما يسهم في نهاية المطاف في بناء هوية ثقافية عراقية جامعة.