وليد خالد الزيدي
بالرغم من الأضرار الكبيرة التي تعرضت لها بساتين النخيل في العراق، بسبب السياسات غير الحكيمة، وما تلاها من اهمال وتجريف لكن مزارع النخيل وبساتينها ظلت تقاوم هذا الاهمال، ووقفت شامخة أمام موجات التخريب التي طالتها، بيد أن تلك المسألة لم تكن وليدة اليوم، فقد مر العراق بمشكلات مماثلة على مدى الأزمنة الماضية، فالنخلة العراقية
أقدم ما زرع من محاصيل في بقاع الارض، إذ يعود تاريخ زراعتها والعناية بها الى الالف الرابع قبل الميلاد، حينما كان جنوب العراق ولم يزل اقدم مواطن للزراعة،
وثقت النخلة في العالم القديم في مدينة اريدو التاريخية، وتعني (الارض الطيبة) جنوبي
العراق.
وحدثت ايضا مواسم جفاف وشح المياه في تلك المناطق خلال اوقات متعاقبة غير ان النخلة قاومت الجفاف لان الله سبحانه وتعالى خصها بمزايا عديدة، أهمها، امتداد عروقها في مساحات واسعة من البقعة المزروعة فيها.
رغم أن أعداده تقل بسبب عوامل بشرية لا طبيعية تتعلق بتحويل جنس الارض من زراعية الى سكنية او صناعية او تجارية او قطع رؤوس اشجارها واقتلاع لبها (قلب النخلة) وبيعه في الاسواق، ولا تبرر طمس معالم تلك البساتين التي لو تمت العناية بها لكنا من افضل بلدان العالم الزراعية اساسا على اهمية محصول النخيل فقط، لفائدته الغذائية، وجدوى زراعته الاقتصادية، فهو غذاء متكامل، وفي بيعه عوائد مالية طائلة تدر على البلد عملة صعبة
وافرة.
وفي خطوات مشجعة هذه الايام زاد انتاج تمور العراق وفق ما ذكرته وزارة الزراعة من وصوله الى مليون طن، في طريقه للتصدير لدول متعددة، فتلك المسألة بادرة جديرة بالاهتمام لان العراق بات يستورد معظم المحاصيل الزراعية، أما التمور فهي المحصول الوحيد الذي نكتفي منه ذاتيا، والفائض منه يصدر الى الخارج، وفي مؤشرات زيادة انتاج هذا الموسم عما سبقه بنسبة مشجعة تدل على شعور عال من العاملين في القطاع الزراعي وفي مجال التمور بالذات وادراك كبير بأهمية تنمية زراعته لما لها من فوائد جمة للاستهلاك المحلي او للتصدير خارج
البلاد.
دعوة نقدمها لوزارة الزراعة لمواصلة جهودها في تنمية تلك الثروة الوطنية وتعزيزها بخطوات أخرى لاحصاء وحصر بساتين النخيل ووضعها تحت عنايتها واهتمامها، ومساعدة مزارعي هذا المحصول بما يعضد عملهم لانه يعم بالفائدة على
الجميع.