فخ التركيع ومقلب التطبيع

آراء 2021/10/02
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
يقال إن جهاز «الموساد الاسرائيلي» وهو جهاز مخابراتي سري يعمل خارج أراضي دولة الاحتلال، يقوم بتجنيد الأفراد في البلدان العربية بحسب نقاط ضعف الضحية أو الهدف بعد دراسة الشخصية وتحليل عقدها وأمراضها النفسية قبل الاقتراب منها، عبر أدوات ثلاث عرف الجهاز باستخدامها وهي «المال، النساء، العاطفة»، ومن ثم توظيف نقاط الضعف بهدف توريط الضحية وتسجيل واقعة التوريط أو اثباتها بإحدى القرائن التي يمكن أن تطيح بمستقبل الضحية في حال اعلانها. 
هذا على المستوى الشخصي، أما على المستوى المجتمعي، فيمكن استنتاج توظيف عقدة الكبت لدى الأفراد في مجتمعاتنا الذكورية، من توظيف 40 % من النساء في هذا الجهاز «بحسب تصريح رئيس الجهاز تمير بردو في أيلول 2015 بمناسبة مرور 65 عاما على إنشاء الجهاز». فضلا عن توظيف ظواهر التخلف وتكريسها لتحقيق أهداف متعددة، في مقدمتها زرع الفتن والفرقة واثارة النزاعات ان اقتضى الأمر. وخلاصة القول فإن جهاز الموساد الذي يحمل شعار «بدون حيّل يسقط الشعب» لا ينكر اسلوب المؤامرات التي يحيكها ضد العرب منذ اعلان تأسيسه في العام 1949، الا أن الببغاوات وأنصاف المتعلمين الذين دجنتهم أدوات العولمة الثقافية، ينكرون ذلك ويلقون تهمة الهوس بنظرية المؤامرة على المنهج العقلي في قراءة فعاليات دولة الاحتلال وما تتعرض له شعوب المنطقة. 
وبناء عليه فإن ملابسات ما قيل ويقال بشأن اجتماع لبضعة أفراد يدعون للتطبيع، لا يمكن أن تخرج من هذا السياق، خصوصا ان بيان النكران الذي أعلنته الشخصية الأبرز في هذا الحدث، تكشف عن ارتباك الموقف وهشاشة الرؤية بدعوى الوقوع في فخ دعوة الى مؤتمر عشائري للسلام ونشر التآخي بين أبناء الشعب العراقي، وما يؤكد أن ثمة لعبة انطلت على الحضور من قبل المؤسسين للفكرة والقائمين على تنفيذها، هو ردود أفعال أغلب المشاركين التي تراوحت بعد المؤتمر بين اصدار بيانات البراءة بدعوى التعرض للمكر والخديعة، وبين الظهور على شاشات التلفاز للاعلان عن شجاعتهم بالانسحاب من قاعة المؤتمر. 
وهنا علينا أن نعترف من دون مغالاة أن أصابع أرباب الحيّل كانت وما زالت تعبث في بلادنا، والهدف من مقلبهم هذا هو جس النبض وقياس درجة ردود فعل الشارع، بعد نحو ثمانية عشر عاما من تطبيقات «نظرية الصدمة» التي تدعو لاشاعة الفوضى في المجتمعات الرعوية، وصولا الى وقوع العقل الجمعي في غيبوبة الوعي بهدف التركيع والقبول بالحلول الجاهزة.