التوأمة بين الثقافة والوعي

آراء 2021/10/04
...

 علي لفته سعيد
 
لا شيء لا يرتبط بالثقافة والوعي، كل شيءٍ في الحياة يحتاج الى ثقافةٍ عامةٍ حتى لو كانت أقل وعياً في الكثير من المراحل، فهم الله ثقافة ومن ثم إدراك ثم وعي، فهم الحياة ثقافة ثم وعي، والرأس لا يعمل بدون محفزاتٍ ثقافيةٍ والثقافة لا تعني فهم المسار الصحيح للحياة لحركة الإنسان، بل في كيفية أن يكون هذا الإنسان فاعلاً، والفاعل هنا في الكثير من جوانبه هو ضبط إيقاع الحياة، الالتزام بالقانون مثلا يحتاج تطبيقه الى ثقافةٍ ووعيٍ فرديٍّ ومجتمعيٍ ودولةٍ، رغم أن القانون الضابط للحياة والمانع للجريمة أو الإرهاب أو ارتكاب ما هو مخالفٌ للواقع والمجتمع تضعه الدولة أولاً، ليكون الجميع تحت سطوته التي دائما ما تكون سطوة جميلة لأنها تحفظ للجميع حقوقهم وتحميهم، ولكن هذه أيضا تحتاج الى مهمّة التفعيل من قبل المجتمع ومن ثم الفرد الذي يجب أن تتوفّر لديه ثقافة الانضباط والإيمان بالقانون، وغياب الثقافة عن التطبيق يكون في المقابل له فوضى وجهل، ولهذا دائما ما يقال حين تكون هناك حملةٌ لمحاربة الأمية والجهل والمرض وهو حاصل جمع غياب الثقافة، القانون ليس سلطةً مشوّهةً بل هو سلطةٌ مثقفةٌ تقود لجعل الحياة متّزنةً واعيةً ومنتجةً، القانون يحمي المرؤوس مثلما يحمي الرئيس ويحمي العائلة مثلما يحمي الفرد ويحمي المجتمع مثلما يحمي الدولة، ولذا حين تكون هناك انتكاسةٌ لتطبيق القانون فإن الفحص الدقيق الذي يجعل البحث عن السبب هو غياب الثقافة بين أطر المجتمع، بسبب ضعف التطبيق من قبل الدولة من جهة وتمرد المجتمع لتطبيقه لإن هناك غياباً رادعاً لتطبيقه، المجتمعات التي لا يكون فيها القانون فاعل هي مجتمعات غير متحضرة، والقانون لا يعني سيفاً بل هو روحٌ ووعيٌ أيضا وربما يكون القانون توأم الثقافة إن قُبِل الأمر بهذا الوصف، وإلّا كيف يكون المثقف مثقفاً وهو لا يلتزم بقانون المرور مثلا أو أن مجتمعاً مثقفاً لا يكون أمام النظافة في تجميعها في أماكنها والاتكاء دوما على ما توفره الدولة، التي غاب عنها تطبيق القانون في مثل هذه الحالات لأنها ضعيفة؟ ولأن القانون ليس مقدسّاً لا يتغيّر فإن مراحل تغيّره حتى يتحوّل الى ما يشبه الدستور يتبع المراحل الثقافية لتطوّر المجتمع، بمعنى كما يسمى بالعرف القانوني إنه {يمكن للقواعد التي تطبقها الحكومة أن تتغير ففي الواقع، تُعدل القوانين بصورة متكررة لكي تعكس المتغيرات التي تطرأ على حاجات المجتمع واتجاهاته} لأن الأساس الذي وقفت عليه الحاجة للقانون حين ندرك تعريفه كونه {مجموعة من القواعد والأسس التي تعمل على تنظيم المجتمع فهو يعد أحد قوانين علم الاجتماع الأساسية، التي لها أهمية، حيث لا يستطيع المجتمع أن يعيش إذا كان كل أفراده يفعلون ما يروق لهم دون مراعاة لحقوق الآخرين، أو إذا كان أعضاؤه لا يعترفون بأن عليهم التزامات معينة في مواجهة بعضهم بعضًا}، ولهذا تكون العلاقة تكون طردية مثلما تكون عكسية ما بين الثقافة والقانون وما بين القانون وتطبيقه وما بين التطبيق والوعي وما بين الوعي والسلطة وبين السلطة وتطبيق القانون، حتى إذا ما سلك القانون طريقه بشفافيّةٍ وغابت فعالياته التطبيقية على المخالفين أو أن المجتمع لا يخالف، فيكون القانون هنا سيداً قوياً كسلطةٍ قويةٍ فإن هذا يعني إن المجتمع مثقف وواع، وإذا ما أردنا أن نعرف تطبيقاً على هذا الواقع في بعض المجتمعات، نأخذ سويسرا والسويد حين انتفت الحاجة الى السجون لأن المجتمعَ واعٍ ومثقفٌ ويعرف واجباته وحقوقه وفق ما وضعت لهم الدولة من 
قوانين.