د فلاح العامري *
شهدت الاسابيع الاخيرة ارتفاعات مستقرة في أسعار النفط ولاسباب عدة، اهمها زيادة الطلب على النفط، وساهم هذا بحصول خلل في توازن اسواق الخام، وانعكس على اسعار النفط.
من المعروف ان التطور العلمي التكنولوجي والمعرفة ومتطلبات البيئة والتغيرات المناخية تعمل جميعا على تقليص الطلب على مصادر الطاقة الاحفورية، خاصة الفحم الحجري والنفط. ولذلك يمر العالم بمرحلة تحول تدريجي في مصادر الطاقة من الاحفوري الى المصادر البديلة النظيفة والمتجددة.
ولكن خطورة هذه المرحلة تتمثل باضطراب اسواق الطاقة بسبب تغيير نمط الاستثمار من الاحفوري الى الاستثمار في المصادر البديلة والنظيفة، خاصة في صناعة الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين التي تمر في مرحلة النمو المتسارع، ولكن في الوقت نفسه لا يمكنها ان تحل محل المصادر الاحفورية بين عشية وضحاها، ولذلك يعيش العالم فوضى وارباكا حاليا في توفير مصادر الطاقة بصورة مستدامة، حيث يؤدي هذا الوضع الى تغيرات فجائية في العرض والطلب ضمن منظومة الطاقة العالمية متاثرة بالعوامل، او الصدمات التي تحدث نتيجة الاوبئة العالمية والازمات الاقتصادية والمالية وحركة واخطاء واضطرابات اسواق النفط العالمية وخاصة سلوك وهيمنة تجار النفط في الاسواق العالمية، التي هدفها الرئيس الربح وليس توفير الطاقة في العالم.
اضافة الى ذلك تأثير الطلب والعرض الذي يحدث نتيجة التغير في درجة الحرارة خلال فصول السنة. فمثلا في الوقت الحاضر الطلب يفوق المعروض النفطي، بسبب بدأ فصل الشتاء وعودة الانشطة الاقتصادية في معظم الدول دول العالمة خاصة المتقدمة اقتصادية وماليا الى مستواها قبل جائحة كورونا. وكذلك استمرار اوبك + في تحديدها لانتاج النفط الخام لغرض منع حصول خلل في العرض والطلب وتدني او ارتفاع في الاسعار الذي يؤثر في اقتصاديات الدول المستهلكة او للحصول على ايرادات مناسبة للدول الاعضاء في اوبك وشركائها. وفي الوقت نفسه للوصول الى أسعار نفط مناسبة للاقتصاد العالمي او للدول المستهلكة. وفي الوقت نفسه المحافظة على اسعار مناسبة لتعويض ما خسرته اوبك وشركاؤها من انتاج وايرادات خلال عام 2020.
وخلاصة القول إن الطلب على النفط سوف يستمر بالنمو وباسعار مناسبة للمنتجين لفترة غير قصيرة، واعتقد سوف تكون سياسة اوبك وشركائها هي المحافظة على المكاسب، التي حققتها ولن تفرط بها مرة اخرى. وتكون اكثر تأنيا في سياستها وحساباتها وتعاونها، مستفيدا منها للسيطرة على الانتاج وفق اسعار مناسبة خاصة على المدى المتوسط. وستراقب تقلص الاستثمارات النفطية في الدول المتطورة اقتصاديا لصالح مصادر الطاقة النظيفة والبديلة، وتستفاد منه وتوصفه لصالحها خلال العشر سنوات المقبلة الى أن ياتي الوقت، الذي يبدأ تاثير التقنية والابتكارات والمعارف الجديدة وتسبب تقليص استهلاك النفط الخام ومنتجاته، خاصة في الدول المتطورة تقنيا واقتصاديا والتي تهتم بالبيئة بشكل جدي.
وعلى اوبك وشركائها العمل على تبني سياسة جديدة تتناسب مع هذا التطور التدريجي ولأطول وقت ممكن، قبل ان تنتقل الى مرحلة اخرى وهي بيع النفط باسعار رخيصة كما كانت قبل20 - 30 سنة. ويجب على دول اوبك ان تكثف جهودها في استهلاك اكبر كمية ممكنة من نفطها وبتكنولوجيا متطورة، خاصة في صناعة التصفية والبتروكيميائية الصديقة للبيئة، لكون النفط احد المستهدفين من اتفاقيات البيئة العالمية واجراءاتها وربما فرض عقوبات على انبعاث المواد السامة وخاصة ثاني اوكسيد الكربون في المستقبل. اضافة الى الاهتمام في مصادر الطاقة النظيفة خاصة الطاقة الشمسية بالنسبة للعراق ووضع خطة قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى لاستخدام هذه الطاقة، وغيرها من المصادر النظيفة في توليد الكهرباء وعلى جميع المستويات لحل هذه المشكلة المستعصية وايقاف معناة المواطنين والبيئة وايقاف الهدر في النفط والمساهمة في تشغيل اكبر عدد ممكن من العاطلين.
* خبير اقتصاديات الطاقة