صناديق الاقتراع سبيلنا لدولة أقوى

آراء 2021/10/05
...

   هشام جمال داوود
 
في العاشر من تشرين الأول من هذا العام، سيشهد العراق الكرنفال الانتخابي الذي تلوح فيه الأصابع البنفسجية لتقول كلمتها التي بها تتحدد فصيلة الدم الذي سيتدفق في جسد وشرايين الحكومة الجديدة، وكل صوت صالح يمثل دقة لتقوية وتد خيمة العراق. 
لا اكون مبالغاً ان قلت بأن الانتخابات العراقية تعتبر ثاني انتخابات من ناحية الأهمية بعد الانتخابات الاميركية، إذ ينشغل الاعلام المحلي والإقليمي والعربي ونوعاً ما العالمي بتغطية احداثها وعرض نتائجها.
في اغلب دول العالم هناك انتخابات لكن لا صدى لها ولا مراقبة وترقب نتائج مثل التي تحصل عندنا، ولا دول جوار هناك تترقب وتنشغل طيلة فترة الانتخابات ولحين اعلان النتائج مثل دول جوارنا، فهل يعقل أن يكون هذا الحدث عابراً أو امراً اعتيادياً أو انها انتخابات متميزة عن غيرها؟.
في انتخابات هذه السنة هناك امران استثنائيان ينبغي الا يتم التغافل عنهما:
الأول: يتمثل بالقوائم الانتخابية، فبالرغم من انها تضم وجوهاً جديدة ودماء شابة تطمح في أن تكون قيادات جديدة للدولة او نواباً في برلمانها ولكنهم تحت مظلة  القادة انفسهم الذين تصدرت أصواتهم نتائج اغلب الانتخابات الماضية.
الثاني: خطاب المرجعية الكريمة المتمثلة بسماحة السيد السيستاني (دام ظله) حثت على اختيار الأكثر نزاهة والانسب لمنح الصوت.
وبما ان القيادات هي نفسها التي شاركت في كل المرات السابقة، فذلك يعني بأن التصويت سيكون لمن هم معروفون بالنسبة للناخبين، وهنا تقع على الناخب مسؤولية اختيار الأنسب من بينهم، ومعرفة من الذي بنى الدولة من سواه، وأن يميز بين الذي كانت وعوده تنجز فعلاً وبين الذي كانت وعوده مجرد سراب تتبخر وتذهب سدى بعد الفوز.
الناخب وبينما هو واقف منعزل في تلك اللحظة التي سيقرر فيها منح صوته عليه أن يعي بأن المخاطر والأزمات ما زالت قائمة حتى الآن، وان البلد ما زال في مواجهة الصعاب، أي ان البلد بحاجة أكثر من ذي قبل لمن يقول بأن العراق لا يقبل القسمة على اثنين قبل أن يفكر بمنح صوته من زاوية القومية او الدين والمذهب.
الانتخابات لهذا العام ستعتمد نظاماً جديداً وستكون تجربة غير مسبوقة، إذ تم استبدال النظام القديم بنظام الدائرة الانتخابية ضمن مناطق المدن في كل محافظة، أي ان دعم رئيس القائمة بشكل منفرد لن يجدي بالنفع هذه المرة انما المشاركة الواسعة لدعم القائمة المختارة بكل مكان في عراقنا الذي نأمل له الخير من خلال اختيار حكومة قوية تستحق أن تكون اهلاً لثقة الناخب والشعب بشكل عام. 
رغم ذلك نجد ان هناك من يعمل على بث روح اليأس ويدعو الى مقاطعتها ظناً بأن المقاطعة هي احد الحلول الناجعة لإنقاذ البلد وتغيير واقع الحال، بينما لو سألنا أنفسنا ان قاطعنا فمن نحن؟ وماذا سنكون؟ والى اين سنذهب بالبلد؟ وما الدواعي لهذه المقاطعة؟. 
الانتخابات ثقافة والعراقيون اليوم أصبحوا أصحاب خبرة لا بأس بها في ثقافة الانتخابات رغم انهم حرموا منها لعقود طويلة من الزمن ولأسباب يعرفها الجميع، ولكنهم على أبواب التجربة الخامسة في اقل من عقد ونصف، لذلك يمكن القول بأن الشعب العراقي أصبح من الشعوب المتمرسة وذات الخبرة الجيدة في كيفية اختيار حكوماته، فلماذا يحرض البعض على مقاطعتها وتحديداً هذه المرة التي ستكون مختلفة عن كل المرات السابقة؟ وفي الوقت نفسه هي مفهوم أعمق مما يتصوره أعداء العملية السياسية، فالمشاركة هذه المرة لن يكون المستفيد منها من يصطف بقائمة المشاهير نفسها ليجني الفائض والزائد من الأصوات التي يلفظها الفائزون، انما ستكون المراكز الاولى من حظ الفائزين الذين يحصلون على استحقاقهم الانتخابي من غير أن تأتيهم أصوات الفائزين قبلهم داخل قوائمهم، لذلك ينبغي القول بأن المسؤولية مضاعفة على الناخبين هذه المرة لأنهم وحدهم من يحددون الفائز ويبعدون الخاسر كلٌ حسب دائرته الانتخابية. 
اخيراً فإن على كل عراقي أن يتذكر بأن لا حل لمشكلاته الحياتية من دون معرفة من هم اهلٌ لحلها، ولا ارتقاء يرتجى دونما مشاركة حقيقية وفاعلة يوم العاشر من تشرين الجاري، فلا حل لازمة الكهرباء والفساد والكساد والبطالة ومكافحة الفقر والبنية التحتية وحل أزمات السكن إلا من خلال المشاركة ومنح الصوت لمن يراه الناخبون وطنياً اميناً، لذلك فإن صناديق الاقتراع ستكون قبلة الناخبين لأجل عراقٍ قوي ورصين.