الثورة بين المفهوم ومسؤولية التغيير

آراء 2021/10/06
...

   د. اركان گيلان
 إن مفهوم الثورة اختلط مع الظواهر المعنية بتغيير النظم السياسية، أو الحركات المؤدية إلى ذلك، كالانقلابات العسكرية والانتفاضات وغيرها.
 
فقد شهد مفهوم الثورة تحولات عديدة أكسبته معانٍ عدة، فقد تحول من الدلالة على عودة الشيء إلى أصله، إلى الدلالة على معنى التحول المفاجئ، ثم معنى القطيعة وإعادة التأسيس، فالثورة اذن حصيلة تفاعل جدلي بين الاستقراء والتأمل الفكري من جهة وبين الممارسة والفعل من جهة أخرى، مع ذلك لا يوجد أجماع على ماهية الثورة وتعريفها.
 لم يرد تعريف محدد ومتفق عليه لمفهوم الثورة عند المفكرين الاسلاميين فقد استخدموا كلمات مقاربه لها مثل (الخروج)، (الحرابة)، (الفتنة) وغيرها، ووصفوا {الدين كله بثورة لقلب الواقع الفاسد وتحويله إلى واقع سليم}. 
مفهوم (الخروج) عن ولي الأمر: هو من أكثر الألفاظ تداولاً في الأدبيات الإسلامية بشأن موضوع الثورة، والذي يقصد به خروج مجموعة من الأفراد على النظام بالقوة ، بينما الخروج اسبق في الإسلام من الخوارج، والخوارج هم الذين خرجوا من الدين.
من حيث الوسائل الثورة أعم من الخروج فهي سلمية في حالات وعنفيه في حالات أخرى، بينما الخروج ارتبط بالسيف (القوة)، لذا يجب التفريق بين الخروج في الماضي والثورة في الحاضر. ومن ناحية الوسيلة الخروج ارتبط بشخص الحاكم فقط مع بقاء القيم الإسلامية، وهو اقرب إلى الانقلاب العسكري، أو المدني منه إلى الثورة.
 أما من ناحية الهدف فالخروج يهدف إلى استبدال الحاكم بينما هدف الثورة استبدال الحاكم وتغيير القيم والأفكار، لذا البعض استغل مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخروج على الحاكم. 
 ومفهوم (الحرابة): هو الخروج على الحاكم وقطع الطريق وإرهاب الناس والاعتداء على ممتلكاتهم وإعراضهم بالقوة.
أما مفهوم (الفتنة): فهو صراع عنيف يمس التوازن السياسي الاجتماعي القائم بين الجماعات الأهلية، وإطلاق الفتنة على الثورة فيه نوع من التلبيس ومحاولة لإبعاد الناس وتنفيرهم عن التغيير، فالفتنة سبب للخروج وليس العكس وهي أعم من الثورة من حيث الموضوع، فهي تخص المنهج والعقيدة ولا علاقة لها بالنظام السياسي الا من باب أن النظام هو صاحب الفتنة.
بينما وصف مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنه الأساس في عملية التغيير الاجتماعي السياسي والاقتصادي نحو الأفضل، وهو منطلق لمعارضة النظام، لأنه شامل لأساليب الثورة السلمية والعنفية بين المقاطعة للنظام المنحرف وبين استخدام القوة لمواجهته وتتخللها العصيان وعدم الطاعة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤطر مشروعية العمل الثوري من جانب، ويرسم آليات الثورة من جانب آخر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والثورة كلها تدل على عملية التغيير.