الموقف الوطني من دعاة التطبيع

آراء 2021/10/06
...

  وليد خالد الزيدي 
 
للمواقف سجلات وللثبات عليها اشارات دالة على اصحابها، فالارادة الالهية شاءت أن توجد الناس لاهداف سامية، وغايات سليمة، ونوايا صادقة، واحكام متقنة، تظهر اسمى مكامنها في ما اعده الله لخلقه في ميدان الاختبار، وترك لهم طوعا اختيار الصالح او الطالح من الاعمال، وخيرهم في زمام الامور، فمن اركن نفسه في جادة الصواب وثبت على موقف الظفر والفلاح جعل من موقفه مصدرا للتضافر الانساني، والتكامل المعنوي، وفي نظرة شاملة ترسخ افعال الخير ليكون الانسان عنصرا ايجابيا في اعمار الارض، واسعاد العباد عليها وفق مضامين العدل ومقاييس الانصاف، فلكل قوم احرار في ارادتهم باختيار موقفهم من الاحداث العقائدية او الانسانية، والعراقيون بحد ذاتهم وان تعددت قومياتهم ودياناتهم ولغاتهم واهتماتهم السياسية، يمثلون وطنا واحدا، لهم مواقفهم الصلبة، ومنطلقاتهم الواضحة توجهاتهم الراسخة، ومن تلك المضامين دانت جميع اطياف الشعب العراقي الاجتماع المشبوه وغير الدستوري، الذي عقد مؤخرا في اربيل والداعي للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لحقوق الشعب الفلسطيني، ومن خلال رئاسات الجمهورية والوزراء ومجلس النواب، مؤكدة أن جميع الاطراف السياسية الوطنية العراقية ترى أن التطبيع مع الاحتلال الصهيوني خطا احما بالنسبة للعراقيين جميعهم، فسجل قادة العراق وساسته موقفا رافضا واحدا لتلك الدعوة، متمثلا بالتزام وطني عابرا للقوميات والاديان والتيارات 
السياسية.
باستقراء هذا الموقف والاجماع عليه يمكن تاشير عدة معطيات منها: ان الرئاسات الثلاث رفضت دعوة التطبيع في بيانات رسمية مترادفة ومتزامنة مع بعضها من دون ادنى فرصة للمشككين في استقلالية القرار الوطني العراقي، والذين غالبا ما يزعمون بان العراق منزاح لا محال نحو اطراف دولية تتعارض في مناهجها مع ارادة الشعب العراقي، وتوجهاته وتعاطيه مع القضايا التي تهمه ومنها القضية الفلسطينية، والامر الاخر الذي لا مناص من الاشارة له، هو رصانة الجبهة الداخلية في العراق وتفاعلها الذاتي مع الجسد الاسلامي، والوقوف بوجه كل آفة تسعى الى النيل من مقدسات المسلمين، وتهدد مصيرهم، فارض فلسطين لا سيما مدينة القدس ليست مجرد ارض، انما جزء مهم من مقدسات يؤمن بقدسيتها العراقيون كلهم، امنوا بها على مر التاريخ، فالموقف هذه افصح عن التناغم الواقعي بين التوجهات الرسمية والارادة الشعبية التي تمثلها المسارات الوطنية لجميع ابناء الشعب، وقواه الشعبية، امر اخر افصح عنه هذا الموقف وهو الاهم من بينها، هو ما نعيشه اليوم باستذكار اربعينية الامام الحسين(ع) في نهضته العقائدية التاريخية الانسانية.
لنقول للعالم اجمع اننا حينما نحيي تلك الشعيرة المقدسة، انما لقدرها الرفيع وتاثيرها الكبير في النفس الانسانية الباحثة عن التحرر،فنحن نستلهم من عبق الذكرى مضامين الحرية ودلالات الموقف الحسيني الرافض للظلم والمناهض للاستعباد والمناوئ لدعوات اذلال الناس على اسس باطلة، وركائز واهمة، وشعارات مزيفة، فليكن موقفنا شوكة في عيون من ينعتنا بالتبعية والخروج عن وحدة الصف الاسلامي والمجتمع 
الانساني.