الصدارةُ الأوليَّة.. سلاسةُ الأجواء

آراء 2021/10/11
...

  عصام كاظم جري 
 
عندما نسأل ما معنى الانتخاب؟ 
الانتخاب: هو الاختيار، وهو إجراء قانوني يُحدد نظامه وزمانه ومكانه الدستور، أو اللائحة ليتم من خلالها اختيار المرشح لرئاسة، أو عضوية إدارة أو مجلس أو تمثيّل نيابي في برلمان أو نقابة أو اتحاد أو جمعية أو منتدى أو هيئة أو نحو ذلك...  والانتخاب لا يخرج من كونه أسلوباً ديمقراطياً ينتخب به الشعب نوّاباً وممثلين عنه ليتكلموا باسمه ويدافعوا عن مصالحه العامَّة، ولا شأن لهم بالمصالح الشخصية، وجاء في قواميس اللغة العربية (نخَب الشيء) أخذ أحسنه وأفضله، أي أخذ نخبته بمعنى ما هو مختار منه بعناية، وانتخب حقك أي اختره وانتزعه انتزاعاً، وحين نقول: الشعب انتخب نوّابه أي اختارهم وانتقاهم واصطفاهم بعناية من بين مجموعة كبيرة أو صغيرة من المرشحين.
إنَّ النجاح الذي حققته ممارسة العمليَّة الانتخابيَّة البرلمانيَّة الأخيرة في 10/ 10/، له أدواته المتعددة، ولا يتوقف هذا النجاح عند أداة ما أو عند طرف معين، بل أسهمت فيه أدوات عديدة ولكل أداة مهمَّة مناطة بها أولاً: الناخب كان على قدرٍ كبيرٍ من المسؤوليَّة سواء أدلى بصوته أم قاطع المشاركة. ثانياً: المرشح سواء كان مستقلا أو ضمن القوى السياسيَّة والأحزاب. فلم يكن أقل مسؤوليَّة من غيره في حفظ النظام مع الاعتراف بخروقات طفيفة، ثالثاً: دور المفوضيَّة في الحفاظ على عملها وتأدية واجباتها بشفافية عالية، كان تفويضها عادلاً، ليس لمصلحة أحد على حساب أحد، مفوضية حققت أجواءً أكثر سلاسة للجميع من دون استثناء في ممارسة حقهم المشروع بالاقتراع، رابعاً: حكومة حكيمة نجحت في تحقيق حفظ الأمن، وحققت مبدأ العدالة والنزاهة وحماية الناخبين وغيرهم من خلال فرض هيمنتها لضبط الجو 
الانتخابي. إذاً هذه العناصر وغيرها أسهمت إسهاماً كبيراً في نجاح الفعل الانتخابي، وبالتالي حتماً سنشهد مخرجات هذه العمليَّة الانتخابيَّة، مخرجات تليق بصوت الشعب.
ولا ننسى الخطوات الجوهريَّة التي اتخذتها الحكومة في إصدار القرارات الصائبة وعبور الأزمات بهدوء منها: قرار عدم فرض حظر التجوال على المركبات والمارة، ما أضفى جواً هادئاً بعيداً عن الانفعالات والقلق للناخب، وعدم مشاركة وتأثير الحكومة بأي قائمة انتخابيَّة يعدُّ حدثاً مهماً ولأول مرَّة يحدث هذا، وقد رفع هذا الفعل الشك واللبس من ذهنيَّة الناخب، ولا نغفل قرار احترام الوقت في غلق صناديق التصويت، وعدم تمديد فترة الاقتراع لساعة أو أكثر كما حدث في الانتخابات السابقة، بهذه الأسباب وغيرها مرَّتْ الانتخابات بطريقة سلسة وشفافة بالرغم من وجود خروقات طفيفة هنا أو هناك.
ولا يخفى على أحد أنَّ طريقة التصويت الجديدة أسهمت أيضاً في قطع الطريق على المزورين والمتلاعبين، فمن كان يظن أنه يستطيع استخدام بطاقته الانتخابيَّة القديمة قد باء بالفشل، ومن كان يظن أنَّ بطاقته الانتخابيَّة تستخدم من دون علمه قد أطمأن أخيراً بحمايتها من ا
لتلاعب. 
ومنذ البدء أخذت المفوضية العليا للانتخابات تبث إعلانات وتصريحات عديدة منها: انَّ بطاقات الناخب لن تتعرض لعملية التزوير لأسبابٍ عديدة منها لن تمر تلك البطاقات إلا بعد أنْ يؤخذ توقيع وبصمة الناخب تحديداً في يوم الانتخابات وفي داخل محطة الاقتراع المخصصة له، وبمتابعة مراقبين محليين ومنظمات معنية بشأن الانتخابات، ومراقبين دوليين، فضلاً عن مراقبين من الكيانات والقوى السياسيَّة المرشحة للانتخابات، مستقلين وغير مستقلين، علاوة على إعلاميين وغيرهم من منظمات المجتمع المدني ومن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومنظمات عربية.
بهذه المتابعة والمراقبة وصف صوت الناخب بالمعبّر الحقيقي عن إرادته في اختيار المرشح الأفضل والأصلح من أهل الثقة المعروفة نزاهتهم ومهنيتهم العالية وحرصهم الشديد على مستقبل البلد. وبمبادرة الناخب في الذهاب لصندوق الاقتراع، باتت مهمة التغيير ليست بالصعبة، اليوم وغداً نحن بأمس الحاجة الى إرادة التغيير، إرادة عقلانيَّة بعيدة عن الانفعالات والعواطف وذلك لإصلاح البلد من البطالة والترهل بالدرجات الوظيفيَّة الفضائيَّة وغيرها، وهذه مسؤوليَّة البرلمان المقبل.
وأخيراً الانتخابات جاءت بقوانين عالميَّة ولوائح دستوريَّة يضمن بها الناخب حقوقه المشروعة على أتم وجه كمواطن، ويضمن بأنَّ ثرواته وثروات أبنائه بأيادٍ أمينة ونزيهة ومخلصة، بغية المحافظة على المال العام من التلاعب. إذاً انتخابات العراق النيابيَّة لعام ٢٠٢١ كانت لها ميزتها ورونقها البهي وحرفيتها كونها جاءت لتلبية حاجات طبقة واسعة وشاسعة النطاق من الشعب، جاءت تلبية لرغبة المتظاهرين في التغيير وإقامة انتخابات مبكرة لإصلاح الوضع العام، بعد أنْ تأكد للجميع بأنه لا أهمية للأدوات القديمة في التغيير والبناء والإصلاح، نعم بلا أدنى شك المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة على المرشح المقبل الذي سيسعى ويعمل بمنطلق قوة الإرادة لترميم العمليَّة السياسيَّة وتصحيح مسارها.