الأطفال ضحايا الكارتيلات المشبوهة

آراء 2021/10/11
...

  د.نازك بدير*
 
 كيف يحيا الأطفال في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة التي تضرب لبنان، لا سيّما مع تفشّي معدّلات البطالة، وتغيّر نمط المعيشة، واقتصار القدرة على تأمين 
الأولويّات؟
مع الارتفاع الجنوني للأسعار، بات صعبا على الكثير من العائلات توفير طعام متوازن يتضمّن مجمل عناصر الهرم الغذائي. مع الوقت، ستتكشّف أبعاد سوء التّغذيّة، ولعلّها ستتفاقم نتيجة اختزال الوجبات الثلاث الأساسيّة بوجبتين اثنتين، أو وجبة واحدة في اليوم لبعض الأسر التي تعيش تحت خطّ الفقر. 
(جاء في دراسة أعدّتها لجنة الأمم المتحدة {إسكوا} أنّ 74 بالمئة من سكّان لبنان يعانون من الفقر في العام 2021).
ناهيك عن أنّ لقاحات حديثي الولادة والأطفال لا تزال مفقودة، والمستوردة باهظة الثّمن. إضافة إلى مشكلتَي الغذاء والدّواء، ثمّة أزمة ثالثة يواجهها أطفال الأسر الفقيرة، وهي الانقطاع عن التّعلّم بسبب ما يعانيه قطاع التّعليم الرّسمي من مشكلات متشابكة متداخلة تحتاج إلى حلول جذريّة كي تستقيم العودة، سواء إلى التعليم الأساسي، أم إلى غيره من المراحل الدراسيّة.
في ظلّ هذه الحالة النّفسيّة، ومجمل الأوضاع التي تزداد مأساويّة مع دخول فصل الخريف، وتدنّي درجات الحرارة في الجبال والدّاخل، وبروز الحاجة إلى التّدفئة، يبدو من الصّعوبة بمكان ترْك الأمور على غاربها؛ فالأطفال هم ضحيّة الصّفقات المشبوهة، وكارتيلات الأدوية والنّفط. لا بدّ من أن تلحظ وزارة الشّؤون الاجتماعيّة، ووزارة التربية والشّباب والرياضة، ووزارة الصّحة، وغيرها من الوزارات المعنيّة شؤونَهم، وتُعنى بأمورهم، كي لا يبقوا على هامش الحياة، ويتحوّلوا إلى مّتسوّلين في الأزقّة والشّوارع.
وبدلًا من أن تنفق الحكومة 100 مليون دولار استدانتها بغرض زيادة تغذية الكهرباء 3 ساعات، من الأجدى أن تخصّصها لمَن ينامون بمعدة خاوية.
يعيش الطّفل في لبنان ما يشبه الانفصام بين الواقع، وما يراه على شاشة التلفزيون، الآيباد (إن توفّرت الكهرباء) يرى عالمًا آخر، مختلفًا كلّ الاختلاف عمّا يعيشه هو.
يحتاج هذا الجيل إلى إعادة بناء وعيه، ومساعدته على تشكيل معرفته، والبحث عن الحقيقة. ثمّة أمور أساسيّة متعدّدة يفتقر إليها الأطفال، لعلّ في طليعتها الشعور بالأمن، والانتماء إلى وطنٍ يحميهم من قطّاع الطرقات.
 * باحثة وأكاديمية لبنانية