يمثل موضوع المياه واحدا من أهم مرتكزات الأمن القومي والوطني للعراق، إذ إن البلدين اللذين تقع في أراضيهما منابع المصدر المائي (تركيا وايران) مرورا بسوريا تتمتع بمرونة عالية في التحكم بكمية المياه التي تصل الى البلد، هذه الميزة لدول المنبع تعطيها فرصة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على العراق من فترة الى اخرى، لذلك لا بد من اتخاذ اجراءات وخطوات عملية فاعلة باتجاه تجنب تلك الضغوط والسلبيات في ملف المياه.
المختص بالشأن الاقتصادي د.أحمد الراوي قال: ان «المشاريع الايرانية والتركية التي تقام على الانهر والروافد يجب التشاور مع العراق بشأنها والوقوف على مدى التأثيرات التي تسببها على العراق، لاسيما ان للعراق علاقات اقتصادية وثيقة مع دول الجوار ذات المنابع النفطية».
وبين ان «نحو (25) نهرا أهمها الكارون تنبع من الاراضي الايرانية بالقرب من الحدود العراقية الايرانية لتدخل العراق وتشكل روافد لنهر الزاب الصغير وديالى وشط العرب، لقد نفذت مشاريع على تلك الانهر من دون مراعاة حاجة الجانب العراقي».
مشاريع الجنوب
وفي سياق متصل اوضح الاكاديمي الدكتور عبد اللطيف شهاب ، ان «المشاريع التركية المائية المقامة تمثلت بمشروع جنوب شرق الاناضول الكاب الذي تقدر المساحة التي يغطيها هذا المشروع بنحو 75 الف كم2 تمثل 10 % من مساحة تركيا، ويضم تسع محافظات تركية تقع جميعها في الاقسام الجنوبية الشرقية لتركيا».
وتابع «يهدف مشروع الكاب في فكرته الى اقامة 22 سدا منها 14 سدا على نهر الفرات و8 سدود على نهر دجلة وخصصت تلك المشاريع والسدود التركية لارواء نحو 106 ملايين هكتار من الاراضي الزراعية لتركيا، وهذا له تأثير سلبي بالغ على العراق».
تجاوز السلبيات
وذكر الدكتور عبد اللطيف انه «لتجاوز سلبيات اقامة هذه المشاريع من قبل دول الجوار واتخاذ المعالجات اللازمة لتفادي التأثيرات السلبية والحفاظ على التوازن المائي الاقليمي، لا بد للعراق من ان يوظف العامل الاقتصادي وبضمنه موضوع التبادل التجاري بين دول المنبع والعراق لصالحه من خلال الضغط السياسي والاقتصادي للحفاظ على حصص العراق من المياه والتي اقرها القانون الدولي، حيث نلاحظ تزايد قوة العلاقات الاقتصادية خاصة بين العراق وتركيا وإيران وهذا شيء ايجابي يجب الاستفادة منه في موضوعة ملف المياه».
أمن المياه
وفي حديث ذي صلة قالت عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين د. اكرام عبد العزيز ان «تعزيز أمن المياه للبلد، لا بد ان ينطلق من ستراتيجية النهوض بالقطاع الاقتصادي العراقي عامة والقطاع الزراعي بصورة خاصة، وذلك من خلال اعادة تنظيم هذا القطاع، لا سيما أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بعنصر المياه واستخدام الاساليب الحديثة في الانتاج مع أنظمة ري متطورة وطرق زراعية كفوءة، بحيث يمكن التخلص من الهدر الزائد والمتعلق في موضوعة المياه وخاصة في الجانب الزراعي».