سالم مشكور
انتهت الانتخابات، بضجيجها وتجاذب أطرافها، الذي سيتحول الى تجاذب لتشكيل الكتلة الأكبر. على تشكيل هذه الكتلة يتوقف اختيار رئيس الوزراء. هكذا يقول الدستور وهكذا جرى العمل منذ العام 2003، باستثناء الدورتين الأخيرتين. أملنا الا يطول التجاذب، وأن يذعن الجميع لمصلحة الوطن، ويعي خطورة المماطلات والتجاذبات على حاضر العراق ومستقبله.
من سيشكل الكتلة الأكبر ستكون مسؤوليته كبيرة. عليه أن يتعامل بعقلية إدارة الدولة، وبناء البلد بأجهزته واقتصاده وأمنه وقبل كل ذلك إنسانه الذي كان حتى الان ضحية صراع النفوذ والاحجام والمغانم. من سيكون صاحب المقاعد الأكثر ومن يتحالف معه لتشكيل الكتلة الأكبر سيكون عليه العمل للجميع، حتى الخصوم السياسيين، فقد حان الوقت لأن نمارس السياسة بحرفية وضمير، وأن يبتعد الفرقاء السياسيون عن سلوكيات الإعاقة المتبادلة ومنع الإنجاز، والتعامل بروح الثأر والتشفي. على الفائز أن يقدم الكثير للشعب الذي تفاقمت معاناته أكثر وأكثر. كسب ثقة الناس ضمانة للبقاء في مواقع الإدارة والخدمة وتجديد الانتخاب في الدورات القادمة.
الفائزون الأقل مقاعد ممن لا يشاركون في السلطة التنفيذية، عليهم أن يتحولوا الى معارضة. حان الوقت لتقطع الديمقراطية العراقية خطوة باتجاه الديمقراطية الحقيقية، إذ لا وجود لديمقراطية من دون معارضة. معارضة بنّاءة تراقب وتكشف الأخطاء والقصور والتقصير لا لأجل التسقيط والاعاقة، بل للتسديد ودفع الحكومة الى اتقان الأداء وطرح البرامج والحلول التي إن لم يتم الأخذ بها فإنها ترفع من رصيدها الشعبي للانتخابات القادمة. هذا يعني أن هدف الجميع يجب أن يكون خدمة البلاد والمساهمة في بناء مؤسسات راسخة وليس مواقع نفوذ.علينا أن نغادر عقلية التحاصص والتغانم، فالمواقع السياسية، مواقع خدمة وليست مراكز "استفادة" شخصية أو فئوية.
أملنا أن يكون البرلمان الجديد واعيا ومؤدياً لمسؤولياته في الرقابة والتشريع بعيداً عن المساومات السياسية التي عطّلت دوره خلال دوراته السابقة. أمامه مئات القوانين التي يحتاج البلد الى تشريعها لإخراجه مما هو فيه.
أما الذين قاطعوا الانتخابات مفضلين المعارضة السلبية فلا عزاء لهم. هم تنازلوا عن حقهم في المشاركة وفسحوا المجال لمن شاركوا في انتخاب من يريدون وبالتالي لن يكون هناك معنى للاعتراض مستقبلاً.
ليس أمام القوى السياسية، سوى العمل بمعايير جديدة تضمن الإنجاز وإحداث تغيير ملحوظ، وإلّا فان عاقبة الجميع ومعهم الوطن ستكون وخيمة.