انتخابات ناجحة تجدد الآمال بالمستقبل

آراء 2021/10/14
...

  ماهرعبد جودة
 
خاض شعبنا تجربة انتخابات برلمانية خامسة، بنجاح ملموس وبأقل ما يمكن من الخروق، بفضل الأجهزة الحديثة ألتي استخدمت والبطاقة البايومترية، وكذلك اعتماد نظام الدوائر المتعددة، ولا ننسى الدور البناء للمرجعية الرشيدة، التي حثت ودفعت للمشاركة الواسعة، وحسم المشهد السياسي لصالح القوى الأكثر صلاحا ووطنية، برغم أن المشاركة الشعبية نسبتها الجيدة، لكنها ليست بالمستوى الذي كنا نتوقعه ونطمح إليه.
تعد تلك التجربة الموفقة، درسا بليغا ومثمرا لكل الشعب، إن الكثير من النكسات والاخفاقات من الممكن انهاؤها والقضاء عليها، بالحرص والإصرار على النجاح، بالتعاون المثمر البناء، ومد جسور الثقة داخليا واقليميا ودوليا. 
كم كان شبح التزوير يؤرق الكثير من العراقيين ويشعرهم بالإحباط واليأس وكأنه المستحيل الذي لايمكن تجاوزه، وأن النتائج محسومة سلفا، ولا يمكن تغير الوجوه الكالحة الشوهاء، تحطمت تلك الخرافة ولن تتكرر مرة أخرى نهائيا، ومن شأن ذلك النجاح أن يبعث الأمل في نفوس أبناء شعبنا، بتحطم كابوس الفساد والمفسدين، ومثولهم أمام العدالة، واسترداد الاموال المنهوبة، ودعم اقتصادنا وجعله انتاجيا بدل الاعتماد على الريع والاستهلاك غير البناء. 
فنجاح حكومة الكاظمي في إدارة الملفات بحكمة ودراية، وتفعيل دور الدبلوماسية في تقريب وجهات النظر الإقليمية والدولية، وجعل العراق نقطة التقاء مهمة في تهدئة الصراعات وحلحلة العقد المستعصية، ودوره الفاعل في محاربة الإرهاب، ومعاضدة الجهود الدولية الرامية لمكافحة الفقر والتصحر وحقوق المراءة والحريات العامة، كل تلك وغيرها، كانت من الأمور المهمة في استقطاب المجتمع الدولي ولفت انتباهه، إلى أهمية الوقوف مع العراق وشعبه، خصوصا في الانتخابات الأخيرة ومراقبتها ودعم العراق على الأصعدة كافة، وكذلك الدور الذي اضطلع به العراق إقليميا، باتباع سياسة متوازنة بين الأقطاب المختلفة، ايران والمملكة العربية السعودية وتركيا ومصر والأردن والكويت، والوقوف منها على مسافة واحدة وفقا للمصالح المشتركة وضرورات الأمن، وخدمة شعوب المنطقة، بما يعزز جهود مكافحة الإرهاب والتطرف، واستقرار المنطقة وتهيئة البيئة الملائمة لقيام صناعة تكاملية متقدمة. 
لكن أيضا لا يجب أن نغفل أمرا في غاية الأهمية، فنجاح الانتخابات وحده لا يكفي في تحقيق أهداف الشعب، فهناك قلق ومخاوف جمة لابد من تخطيها ووضع خطة لتجاوزها بحرص شديد، وهذه المخاوف ليس مصدرها الشعب، فالشعب قد أدى واجبه وانتخب القادة الذين يؤمن بهم، مكمن الخوف هو الطبقة السياسية من أحزاب وكتل خاسرة، قد لا تقبل بالنتائج وبروح رياضية، وتحاول عرقلة الفائزين من تشكيل الحكومة وتنفيذ البرامج المعلنة، بمحاولات الابتزاز وإثارة الشارع المؤيد لها خصوصا إذا كان مسلحا ومدعوما. 
فكم من النزاعات الداخلية التي نشبت، بعد إجراء انتخابات عامة، وكانت نتائجها الاحتراب والتمزق والتشرذم ، ونحن لا نريد لعراقنا نهايات كهذه مفتوحة على أسوأ الاحتمالات. 
أملنا كبير جدا، بعد النجاح الكبير الذي تحقق، أن يقبل الجميع بالنتائج، وان يغلبوا مصلحة عراقنا الحبيب فوق أي مصلحة أخرى، وان يسهم الجميع بتسهيل مهمة الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة، من الكفاءات والقدرات وذوي الخبرة والاختصاص، بعيدا عن مربع التحاصص والتوافق، وضياع الفرص وهدر الطاقات. 
تجربة تاريخية ناجحة للغاية، خاضها شعبنا بنجاح وهو يستحق الإشادة والتكريم، كذلك حكومة الكاظمي، في استعداداتها لتهيئة الظروف الملائمة، والمستلزمات التكنولوجية واللوجستية والدبلوماسية لإنجاح تلك الانتخابات، بهذا الشكل المرن والقليل الخروق. 
ندعوا الله مخلصين أن تتمكن الحكومة القادمة من تحقيق اهم مطالب الشعب، بفرض هيبة الدولة وإعلاء شأن القانون، وحصر السلاح بيد الدولة ومحاسبة المفسدين، ودعم الجهود باتجاه إصلاح كل مؤسسات الدولة وبناء دولة المواطنة.