الحماية القانونيَّة للملكيَّة الزراعيَّة من البناء العشوائي

آراء 2021/10/19
...

 القاضي كاظم الزيدي 
لا شك ان الحماية القانونية للملكية الزراعية تحتل درجة كبيرة من الاهمية. حيث لا يمكن ان يتطور القطاع الزراعي الا بوجود تشريعات قانونية تكفل له الحماية الفعالة. وان ظاهرة العشوائيات والبناء غير القانوني على الاراضي الزراعية انتشرت بشكل واسع، اذ تم تشييد مدن كبيرة ومحلات بشكل تجاوز على الاراضي الزراعية وتحويل هذه الاراضي الزراعية الى احياء سكنية، بالرغم من ان ذلك يتطلب أعمالا ودراسة عمرانية.
من حيث تهيئة الخدمات الماسة بحياة الناس من كهرباء وماء ومجارٍ وطرق مواصلات، تأخذ بالاعتبار الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني الحديث ومراعاة التقسيم الهندسي الى مناطق سكنية واخرى صناعية وتجارية ومتنزهات وحدائق ومدراس ومستشفيات وغيرها. ومن خلال استقراء موقف المشرِّع العراقي من موضوع البناء على الاراضي الزراعية نجد ضعف المعالجة التشريعية لمشكلة البناء، وهذا يتضح من خلال عدم وجود معالجة تشريعية كافية، لاسيما في قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، التي ما زال بعضها ساري المفعول وقانون بيع وتصحيح صنف الاراضي الاميرية المرقم (51) لسنة 1979. 
حيث إن المشرع العراقي قد كافأ المتجاوز على الاراضي الزراعية بالتمليك حيث نصت المادة (10 /ب ) من القانون المذكور : (إذا كانت المغروسات والمحدثات ذات قيمة أعلى من قيمة الارض ) ويلاحظ ان المشرع العراقي قد كرر الاتجاه نفسه من خلال قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (548) لسنة 1979. حيث اعطى المشرع الحق للمتجاوز قبل
 1 /1 / 1979 ان يتملك الدار السكنية المنشأة تجاوزا، من دون ان يلتفت الى دور التخطيط العمراني وقانون تمليك الدور السكنية الواقعة في حرم القرى ضمن حدود البلديات رقم (12) لسنة 2012. حيث اعطى الحق للأشخاص الذين انشؤوا ابنية تجاوز على أراضٍ مملوكة للدولة او البلديات وضمن حدود البلدية بان يتملكوا هذه الاراضي بقيمتها الحقيقية، شرط أن تكون تلك الاراضي ضمن المناطق السكنية وأن يكون البناء المشيد من مادة الطابوق او الحجر او الاسمنت، وان يقدم طلب التمليك خلال سنة من تاريخ نفاذ القرار المذكور مع إقرار خطي بعدم تملك المتجاوز هو او زوجته أو احد اولاده القاصرين لدار سكنية في المحافظة نفسها. وان يكون شاغلا فعليا لهذه الدار كما فرض القرار المذكور عقوبة جزائية لمن يتجاوز بالبناء بعد نفاذ هذا القرار والقانون رقم (3) لسنة 2019 قانون تمليك المتجاوزين ضمن حدود البلديات. حيث تم التوجه بالبناء العشوائي على الاراضي الزراعية بشكل واسع بقرب المدن وسفوح الجبال و شواطئ الانهار والبحيرات وفي القرار رقم (181) لسنة 1982 حمل المشرع العراقي رئيس الوحدة الادارية ومدير البلدية مسؤولية رفع التجاوز، الذي يقع على الاراضي المملوكة للدولة والبلديات سواء كان البناء موافقا للتصميم الاساسي المقرر او مخالفا له ونص على عقوبة رئيس الوحدة الادارية ومدير البلدية بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات. في حالة ثبوت عدم قيامهم بواجبهم برفع التجاوز كما بين المشرع العراقي الاجراءات الواجب اتباعها من قبل رئيس الوحدة الادارية او مدير البلدية لرفع التجاوز. 
فعليه ان ينظم مخططا بالمساحة المتجاوز عليها ويصدر قرارا برفع التجاوز على نفقة المتجاوز كما نص القرار (42) لسنة 1987 بشان اعادة تنظيم الملكية الزراعية في مشاريع الاستصلاح على عدم جواز ان تزيد مساحة ابنية السكن المشيدة على الاراضي والبساتين والاراضي العائدة للإصلاح الزراعي والدولة او القطاع الخاص واقتصار ذلك الجواز على المصالح الزراعية، بعد مباشرتها تنفيذ اعمال شبكات الري والبزل واستصلاح 
الاراضي.
 وبموجب القرار (53 ) لسنة 1984 اعطى المشرع العراقي للمتعاقد على قطعة ارض زراعية مع الاصلاح الزراعي تشييد دار سكنية له ولأفراد عائلته المكلف بإعالتهم على الارض المتعاقد عليها، واشترط المشرع ألا تزيد مساحة البناء على (300 م2 ) في الاراضي التي لا تتجاوز مساحتها (15 دونما)،  وألا تزيد مساحة البناء على (400 م2 ) في المساحة التي تتجاوز (15 دونما) وفي حالة الغاء العقد يكون لوزارة الزراعة الحق في الخيار بين تملك هذه الدار او المنشأ دون تعويض او الطلب من المتعاقد بإزالته. 
ونجد أن المنطق القانوني يقضي بان يكون البناء لخدمة الارض الزراعية وان يكون مرصودا لخدمتها او لسكن فلاحها او المتعاقد عليها، ونجد تعدد التشريعات والجهات المنفذة لها و تنازع الاختصاص وتكرار الاحكام والتعارض و تشتت التشريعات المتعلقة بالأراضي الزراعية. حيث صدر اكثر من (263) من قوانين وانظمة تتعلق بالتجاوز على الاراضي الزراعية وان ظاهرة البناء العشوائي في الاراضي الزراعية بحاجة الى اعادة النظر من قبل المشرع العراقي في اصدار التشريعات القانونية واجراءات اخرى، تؤدي الى ايقاف ظاهرة التجاوز والوقوف على الاسباب الحقيقية لظاهرة التجاوز وبناء العشوائيات، ومنها الهجرة من الريف الى المدينة وزيادة عدد السكان وتوزيع قطع الاراضي على المواطنين، وتفعيل الحماية الجزائية لملكية الاراضي الزراعية والاسراع بتشريع قانون جديد للتخطيط العمراني.